للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمّد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة ". رواه مسلم.

وفي رواية له: "كانت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك، وقد علا صوته". وفي رواية له: "من يهدي الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له".

وللنسائيَّ: "وكلَّ ضلالة في النَّار".

"كان إذا خطب"، نقول في "كان" ما قلنا فيما سبق أنها تدل على الاستمرار غالبًا، وقوله: "وإذا خطب" الحديث مطلق يشمل خطبة الجمعة وغيرها، فهو غير مقيد فيبقى على إطلاقه، لكنه في خطبة الجمعة الراتبة الدائمة التي تكون كل أسبوع لا شك أنها داخلة في الحديث.

"احمرت عيناه" أي: احمرت من شدة الانفعال والغضب، "وعلا صوته" لأنه كلما اشتد الإنسان ارتفع صوته واشتد غضبه، والغضب هو جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم حتى يفور دمه وتنفتح أوداجه وتحمر عيناه، ويقف شعره هذا هو الغضب، وغضب النبي- عليه الصلاة والسلام- هنا ليس غضبًا للانتقام، ولكنه غضب للحث والإغراء على فهم ما يقول، وعلى الاتعاظ به، وإلا فليس هناك شيء أمامه يستدعي الغضب.

وقوله: "حتى كأنه منذر جيش" منذر أي: يخوف بجيش؛ لأن الإنذار هو الإعلام المقرون بالتخويف، كأنه منذر جيش" والجيش هم: القوم الغزاة يكون عددهم أربعمائة فأكثر.

"يقول: صبحكم ومساكم" يعني: هل يقول في الخطبة: صبحكم ومساكم، أو هذا وصف لمنذر الجيش؟ هذا وصف لمنذر الجيش الذي يأتي فزعًا ينذر الناس، يقول: "جاءكم جيش صبحكم ومساكم" ليكونوا على استعداد له.

ويقول: "أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله" "أما بعد" هذه الكلمة يقولون في إعرابها: "أما" نائبة عن اسم شرط، وفعل شرط، واسم آخر يتلوها، "أما" نائبة عن: مهما يكن من شيء، يقول ابن مالك:

أمَّا كمها يك من شيء وفا ... لتلو تلوها وجوبًا ألفا

إذن هي نائبة عن اسم شرط، وما هو اسم الشرط؟ "مهما"، وفعل الشرط "يكن" والاسم المبين المبهم في الشرط: "من شيء"، مهما يكن من شيء "بعد" هذه ظرف مبني على الضم، لماذا؟ لأنه حذف المضاف إليه ونوى معناه يعني مهما يكن من شيء بعدما ذكرت، "فإن خير

<<  <  ج: ص:  >  >>