ولذلك لا يرون أن المملوك أهل لإمامة الجمعة ولا تكميل العدد - عدد الجمعة - على القول بأنها لها عددًا وهو المعروف بأن أقله ثلاثة، ويرون أيضًا أن المملوك لا تجب عليه الجمعة، ولو أذن له سيده وذلك لفوات الشرط، وقال بعض أهل العلم إن المملوك تجب عليه الجمعة مطلقًا، وأن حق الله مقدم على حق السيد، وأن هذا الحديث ضعيف ضعفه أهل الحديث وقالوا أن المملوك كغيره من المكلفين تجب عليه الجمعة، وحق الله مقدم على حق الآدمي وهذا مذهب الظاهرية، واستدلوا بالعموم - عموم الآية-: } يايها الذين امنوا إذا نودى للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله {[الجمعة: ٩]. وهو من المؤمنين فيجب عليه الحضور، وقال بعض العلماء: إن المملوك لا تجب عليه الجمعة لوجود مانع وهو اشتغاله بخدمة سيده، وبناء على ذلك إذا أذن له سيده وجبت عليه الجمعة؛ لأن المانع زال، وهذا القول أعدل الأقوال وأوسطها؛ لأن المملوك لا يملك نفسه في الحقيقة، فإذا كان هناك مانع يعني: كما إذا لم يأذن له سيده بالجمعة فإنه لا يستطيع أن يتخلص منه، فيكون معذورًا، وإذا أذن له زال العذر.
فالصواب: أن عدم وجوب الجمعة على المملوك لا لاختلاف الشرط، ولكن لوجود المانع، هل نقول: إن مثله الأجير الحر؟ فيقال مثلًا: أنا مستأجر واحد يعمل عندي يوم الجمعة، فزمنه مملوك لي، لكنهم يقولون: إن هذا - أي: حضور الجمعة - مستثنى شرعًا ما شمله عقد الإجارة بخلاف المملوك، المملوك مملوك عينه ومنفعته لسيده، وأما المستأجر فلا، وبناء على ذلك يكون الجواب ما ذكر على أن الأجراء لا يجوز أن يدعوا الجمعة من أجل أن يقوموا بما استؤجروا عليه، نعم إذا كان هناك شيء يحتاج إلى حراسة ولم يمكن أن يقوم به سوى هذا الرجل، فإن الفقهاء - رحمهم الله - يرون أن ذلك عذر في ترك الجمعة والجماعة.
وقوله:"وامرأة" المرأة لا تجب عليها الجمعة لفوات الشرط؛ لأنها ليست من أهل الجمعات والجماعة؛ ولهذا لا يصح أن تكون إمامة الجمعة، ولا تحسب من العدد المشترط في الجمعة لفوات الشرط.
"وصبي" لفوات الشرط أيضًا؛ لأنه ليس أهلًا للتكليف فلا تلزمه الجمعة، بل ولا الجماعة، ولا غيرها من العبادات، لكنه يؤمر بالصلاة لسبع ويضرب عليها لعشر تأديبًا له وترويضًا له على العبادة، وليس لأنها واجبة عليه.
"ومريض" المريض لا تجب عليه الجمعة لوجود المانع، وهو المرض الذي يمنعه من الصلاة، ولهذا لو حضرها المريض أجزأته وانعقدت به وصح أن يكون إمامًا فيها، وظاهر الحديث الإطلاق:"مريض" ولكنه علق بوصف وهو المرض لسبب وهو المشقة، فإذا كان المرض يسيرًا لا يشق معه حضور الجمعة، فإنه يجب عليه حضور الجمعة، فهنا المرض ليس