للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم سابع سبعة، أو تاسع تسعة" فيكون معه جماعة، وهؤلاء - فيما يظهر - قدموا وفدا على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان الناس يقدمون إليه وفودًا، كما أنه كان يبعث إلى الناس من يدعوهم إلى الله، وبهذا انتشرت الدعوة الإسلامية من المدين جميعًا مد من مكان الدعوة إلى مكان المدعوين، والمد الآخر بالعكس يأتي المدعوون إلى مكان الدعوة فينتفعون، نظير ذلك الآن أننا من هنا - من هذه المملكة - نعطي منحًا لأناس بعيدين يدرسون في الجامعة، ونبعث أناسًا يدعون إلى جهات بعيدة يدعون بعد أن يدرسوا فتكون الدعوة الإسلامية من الناحيتين تعطي فتتبع الناس وتفتح المجال لمن أراد أن يحضر ويتفقه في الدين.

وقوله: "فقام متوكئًا على عصًا أو قوس" "أو" هنا للشك من الراوي، هل كان مع النبي صلى الله عليه وسلم عصًا أو قوس، هذا إذا كان الشك من الحكم نفسه، أما إذا كان الشك ممن بعده فيكون الشك هل قال: الحكم قوس أو عصًا؟ وقوله: "فقام متوكئًا" ما معنى التوكأ، أي: الاعتماد، وإنما يعتمد من أجل أن يكون أثبت له وأنشط وأقل تكلفًا، الاعتماد يعطي الإنسان قوة ونشاطًا وثباتًا كما أنه أيضًا يعفيه من الضعف أو يمنعه من الضعف.

وقوله: "متوكئا على عصًا أو على قوس" أخذ أهل العلم من ذلك أنه يستحب للخطيب أن يعتمد على قوس أو عصًا، وزاد بعضهم: "أو سيف"، لكن السيف لم يرد عن النبي - عليه الصلاة والسلام -، إنما ورد القوس أو العصا، على أن ابن القيم رحمه الله يقول: إن اعتماده على القوس أو العصا إنما كان قبل أن يبنى له المنبر، أما بعد أن بني له المنبر فإنه لم يكن يعتمد على شيء، وربما يقال: إن مسألة الاعتماد ليست من المسائل التعبدية، وإنما هي مسألة ترجع إلى الحال التي تقتضيها، فإذا كان الخطيب يحتاج إلى الاعتماد لكونه ضعيف البدن، أو كبير السن، أو ليس عنده ما يعتمد عليه في الخطبة فإنه يأخذ العصا أو القوس من أجل أن يعتمد عليها، وأما إذا لم يكن كذلك فإننا لا نطلب منه أن يستصحب العصا أو القوس، وأما السيف فإننا لا نستحبه مطلقًا خلافًا لمن قال به من الفقهاء؛ وذلك لأنه لم يرد؛ ولأن فيه إرهابًا للناس، والمقام ليس مقام إرهاب؛ لأن الذي أمامه أعداء أو أولياء؟ أولياء فلا حاجة إلى أن نرعبهم بالسيف.

وأما ملاحظة بعض العلماء بأنه إشارة إلى أن هذا الدين فتح بالسيف ففيه أيضًا نظر؛ لأن السيف إنما يستعمل عند الحاجة إليه، أما إذا لم يحتج إليه فإن الدعوة تكون بالبيان والعلم، والنبي - عليه الصلاة والسلام - دعا الناس بالبيان والعلم، وفتح صدور العالم بما جاء به من

<<  <  ج: ص:  >  >>