يستفاد من هذا الحديث فوائد: أولًا: مشروعية الخروج في صلاة العيد إلى المصلى خارج البلد، والدليل عليه قوله:"كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى".
ثانيًا: أن المدينة كغيرها من المدن يصلى فيها العيد خارج المسجد خلافًا لعمل الناس اليوم، فهم يصلون العيدين في المدينة في المسجد، ولكن السُّنَّة بلا شك أن يكون ذلك خارج المسجد.
ومن فوائد الحديث: أن الصلاة لا يسبقها شيء في هذا المكان لقوله: "أول ما يبدأ به الصلاة".
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للخطيب أن يكون وجهه نحو الناس لقوله: "ثم ينصرف فيكون وجهه مقابل الناس"، حتى ولو كانت القبلة خلفه، وبهذا نعرف أن استقبال القبلة له أحكام، فهو تارة يكون واجبًا، وتارة يكون مكروهًا وهو خلاف الأولى، وتارة يكون محرمًا، وتارة يكون مستحبًا، فله أربع حالات، يكون واجبًا في الصلاة، ويكون حرامًا حال قضاء الحاجة، سواء كان الإنسان في الفضاء أو في البنيان فإنه يحرم على الإنسان أن يستقبل القبلة ببول أو غائط حال قضاء الحاجة، حتى لو كان في البنيان، ويكون مستحبًّا عند الدعاء، حتى قال صاحب "الفروع": يتوجه أن يكون استقبال القبلة مشروعا في كل عبادة إلا بدليل.
ثم ذكر الفقهاء - رحمهم الله - أنه يشرع للمتوضئ أن يستقبل القبلة حال الوضوء، قال في "الفروع": "هو متوجه في كل عبادة ألا بدليل، وصاحب "الفروع" هو محمد بن مفلح أحد تلاميذ شيخ الإسلام الكبار، وقد كان من أعلم الناس باختيارات شيخ الإسلام، حتى كان ابن القيم - مع كونه من خواص الشيخ - يراجعه أحيانًا ليتبين له اختيارات شيخه - رحمهم الله جميعا - وكتاب والفروع؟ تكلمنا عنه كثيرًا، وقلنا: إنه يسمى عند الناسي مكنسة الملهب، يعني: أنه حاوٍ لجميع ما في مذهب الإمام أحمد من الأقوال والروايات والأوجه والتخريجات، بل إنه رحمه الله حاوٍ لمذهب الإمام أحمد ولغيره من المذاهب فيشير إليها، ثم إن فيه التوجيهات الدقيقة التي تدل على أن الرجل عنده فقه كبير، وفيه مباحث لا تكاد تجدها في غيره من الكتب كبحثه في أول صلاة التطوع، وبيان تفاضل الأعمال، وكبحثه أيضًا في أول الحج في بر الوالدين، وهل يجوز معصيتهما أو لا يجوز؟ فهو يأتي ببحوث لا تكاد تجدها في غيره.
يقول - أي: ابن مفلح -: يتوجه أن يجب استقبال القبلة في كل طاعة ألا بدليل، ومتى يكون استدبارها أولى من استقبالها؟ حال الخطبة، وإذا انصرف الإمام من الصلاة بعدما يقول: "أستغفر الله ثلاثًا"، "اللهم إنك أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، فإن الأفضل أن يستقبل الناس.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه لا يشرع المنبر في صلاة العيد، من أين يؤخذ؟ لأنه قال: "ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس"، ولو كان ثمة منبر لقال: ثم يصعد المنبر فيقابل الناس.