لأن الشذوذ ما خالف فيه الثقة من هو أرجح منه وأحسن منه وأوثق منه، إذن المعتمد الذي فعله الرسول- عليه الصلاة والسلام- في صلاة الكسوف كم؟ أربع ركوعات وأربع سجدات فقط.
نرجع إلى فوائد حديث ابن عباس رضي الله عنهما، يستفاد منه: قوة النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة؛ لأنه قام هذا القيام الطويل.
ويستفاد منه: أنه- بأبي وأمي- أهل لأن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر إذا كان هذا عبادته لربه هذه العبادة التي لا يلحقها لاحق؛ فهو أهل لأن يغفر الله له ما تقدم وما تأخر.
ويستفاد منه: تحقيق قول الرسول- عليه الصلاة والسلام-: "إني لأعلمكم بالله وأخشاكم لله". يقول عن نفسه- عليه الصلاة والسلام- وهو صادق إذا كان يقوم في الليل حتى تتفطر قدماه هذه الخشية وهذه العبادة وهذه التقوى.
ويستفاد منه: أن الناس كثيرون، من أين يؤخذ؟ لأن حديث عائشة صرح بالجهر، ولم يصرح ابن عباس بأي شيء قرأ، ففيه دليل على أنه لم يسمع بل كان في المؤخر، وهذا يدل على أن الجمع كثير، وبه نرد على من قال: إن صلاة الكسوف لا يجهر فيها بالقراءة، واستدل بهذه الجملة؛ لأن بعض أهل العلم يقولون ذلك ويستدلون بقوله:"نحو من قيامه"، قالوا: لو كان يجهر لكان ابن عباس يسمع ويدري ما قرأ، لكننا نقول: كيف نرد اللفظ الصريح في حديث عائشة جهر بشيء محتمل ونحمله على وجه صحيح، ولا يلزم منه أنه لا يجهر وهو كثرة الجمع.
ويستفاد من حديث ابن عباس: أنه ينبغي تطويل صلاة الكسوف ولو شق ذلك على بعض الناس، لأن الرسول- عليه الصلاة والسلام- أطال وهذا يشق على بعض الناس، وقد ثبت في الصحيح أن بعضهم سقط من الغشية.
ويستفاد منه: أن الإنسان ينبغي له اتباع السنة وتطبيق المشروع، ولو شق ذلك على أفراد الناس إلا الأمور العارضة، لو قال لنا بعض الناس: أنا أحب أن يكون مسجدنا مسجدًا جامعًا، فلا نوافقه؛ لأن هذا يخل بمقصد الشرع باجتماع الناس كل أسبوع في مسجد واحد، ولهذا ما صار تعدد الجمعة للمسلمين إلا في القرن الثالث، يعني: مضى قرنان على المسلمين ما تعددت الجمع في مكان واحد إلا في القرن الثالث في بغداد، كل هذا حماية لهذا الجمع العظيم أن يتفرق، وأما ما يفعله بعض الناس من التهاون- حتى إني أسمع أن في بعض البلاد