ومثل هذه المسألة التي وقعت إنما اتجه الرجل إلى الرسول- عليه الصلاة والسلام- لسببين:
أولًا: أن دعاء الرسول- عليه الصلاة والسلام- أقرب من دعاء الناس إلى الإجابة.
وثانيًا: أن هذا أمر يتعلق بالمسلمين عمومًا، المنفعة من المطر لجميع الناس، والنبي- عليه الصلاة والسلام- هو الإمام، فكان توجه الدعاء منه أولى من أن يكون من غيره.
ومن فوائد الحديث: مشروعية رفع اليدين حال الدعاء لقوله: "فرفع يديه"، ولكن الرسول- عليه الصلاة والسلام- لم يحفظ عنه أنه رفع يديه حال الخطبة إلا في دعاء الاستسقاء فقط؛ ولهذا أنكر الصحابة على بش بن مروان حين جعل يدعو في خطبته ويرفع يديه. لكن ثبت الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه في حال الاستسقاء.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يشرع مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء، من أين يؤخذ؟ أنه لم يذكره، ولو كان ذلك واقعًا لذكر كما ذكر الرفع، ولهذا اختلف العلماء هل يسن للداعي أن يمسح وجهه بيديه بعد الفراغ من الدعاء أم لا؟ فقال بعض العلماء: إنه يسن، واستدلوا بأحاديث لكنها ضعيفة؛ إلا أن بعضهم قال: إن مجموعها يقتضي أن تكون من قبيل الحسن لغيره، كما مشى على ذلك الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، أما شيخ الإسلام رحمه الله فقد قال: إنها أحاديث ضعيفة لا ينجبر بعضها على بعض، وعلى هذا فمسح الوجه باليدين بعد الدعاء بدعة، وأما تقبيل اليدين بعد مسح الوجه بهما فهو بدعة لا شك فيها؛ لأنه لم يرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا في حديث صحيح، ولا ضعيف ولا غيره.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجب البداءة بالحمد والثناء على الله، ولا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، من أين يؤخذ؟ الرسول دعا بدون أي حمد وثناء قال:"اللهم أغثنا".
فإن قال قائل: إنه دعا في أثناء خطبة مبدوءة بالحمد والثناء؟
قلنا: إن الحمد والثناء الذي في الخطبة لم يكن من أجل الدعاء، فلا يكون في ذلك دليل على وجوب البداءة بالحمد والثناء، وأما قول الرسول- عليه الصلاة والسلام- في رجل دعا الله تعالى ولم يحمد الله، ولم يثن عليه، قال:"عجل هذا". فإنه من باب ترك المستحب لا ترك الواجب.
ومن فوائد الحديث: بيان قدرة الله عز وجل؛ كيف؟ حيث أنشأ السحاب في هذه المدة الوجيزة وأمطر وما نزل الرسول- عليه الصلاة والسلام- إلا والمطر يتحادر من لحيته.
وفي هذا إثبات علم الله، كيف ذلك؟ كل صفة خلق فهي دالة على العلم والقدرة؛ ولهذا