الصلاة والسلام- وهو مما لا يرضاه الله بينه الله، ما الدليل؟ {يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطًا (١٠٨)} [النساء: ١٠٨].
ويستفاد من الحديث: أن المشروع للخطيب القيام لقوله: "وهو قائم".
ويستفاد منه: مشروية الخطبة للجمعة، والصواب أنها واجبة، وأن الجمعة لا تصح بدونها؛ لأن الله أوجب السعي إليها وما وجب السعي إليه فهو واجب.
ويستفاد من الحديث: جواز الإخبار عن الحال لا على سبيل الشكاية، من أين يؤخذ؟ من قول الرجل: "هلكت الأموال وانقطعت السبل"، هو ما أراد أن يشكو الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن أراد أن يبين الحال التي تقتضي أن يطلب منه الدعاء.
ومن فوائد الحديث: أن الأشياء إنما تتبين بضدها، من أين يؤخذ؟ من هلاك الأموال وانقطاع السبل لفقد المطر، فلا تتبين نعمة الله على عباده بالمطر إلا إذا فقدوه وعرفوا ما يترتب على فقده.
ومن فوائد الحديث: إثبات الأسباب، كيف ذلك؟ من قوله: "هلكت الأموال وانقطعت السبل"؛ فإن سبب ذلك القحوط: قحوط المطر، وإجداب الأرض.
ومن فوائد الحديث: جواز التوسل بدعاء الصالحين الأحياء، من أين يؤخذ؟ من قول الرجل: "فادع الله يغيثنا"، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، ولم يقل: ادع أنت لنفسك، وما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه جائز، وعلى هذا فيجوز أن تطلب من رجل صالح أن يدعو لك.
فإن قال قائل: أليس في هذا تزكية لهذا المطلوب وتغريرًا به يدعوه إلى الإعجاب بنفسه؟
فالجواب: أما التزكية فلا حرج علينا أن نزكي غيرنا إذا كان أهلًا لذلك، وما الجرح والتعديل الذي يتكلم الناس عليه في المصطلح إلا من هذا النوع، وما طلب تزكية الشهود في المحاكمة إلا من هذا النوع، وما الثناء على الميت الذي وقع بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وأقره إلا من هذا النوع. والمنهي أن يزكي الإنسان نفسه: {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى (٣٢)} [النجم: ٣٢].
وأما الثاني: وهو تغرير هذا الرجل حتى يصل به الأمر إلى الإعجاب بنفسه، وأنه أهل لأن يقصد ويطلب منه الدعاء، فإذا خفنا ذلك فإننا نكف عنه رحمة بهذا الرجل حتى لا يهلك؛ لأن رجلًا امتدح رجلًا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: "قطعت عنق- أو ظهر- صاحبك". فإذا خيف من طلب الدعاء من هذا الرجل الصالح أن يغتر فإنه لا يطلب منه.
فإن قال قائل: هل طلب الدعاء من الرجل الصالح من باب المشروع أم من باب الجائز؟
فالجواب: الثاني، وإلا فالأفضل أن يباشر الإنسان الدعاء بنفسه من ربه لكنه من باب الجائز.