للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام- وهو التوسل الموجود في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتوسل الموجود في حياته بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم كما فعل الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، ومن حسن صنيع ابن حجر رحمه الله أنه أتى بحديث ابن عمر هذا بعد حديث أنس ليبين أن الاستسقاء بالرسول صلى الله عليه وسلم هو أن يطلب منه أن يدعو الله تعالى بالسقيا، وعلى هذا قول أبي طالب في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم [الطويل]:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يعني: أن الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم لحسن خلقه وسماحته، يسألونه أن يدعو الله لهم بالسقيا فيسقيهم، والتوسل في قوله: "إنا نتوسل"، فعل مضارع مأخوذ من الوسيلة وهو التوصل إلى الشيء بالشيء، فكأن السين والصاد هنا متعاورتان يعني: كأن كل واحد منهما يكون في مكان الآخر، فالتوسل هو التوصل بالشيء إلى شيء آخر، وهو أقسام:

القسم الأول: التوسل إلى الوصل إلى رضوان الله تعالى وجنته، وهذا يكون بالإيمان وبالأعمال الصالحة، فإن الإيمان والأعمال الصالحة وسيلة إلى الوصل إلى دار كرامة الله عز وجل قال الله تعالى: {أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب} [الإسراء: ٧٥]. فهذه هي الوسيلة الحقيقية التي فرض على كل أحد أن يقوم بها، وهي ما يوصل إلى رضوان الله، وتفسير الآية أن يقال: أولئك الذين يدعوهم هؤلاء ويتخذونهم أربابًا من دون الله هم بأنفسهم محتاجون إلى الله: {يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب}. يعني: يطلبون الطريق الذي يجعلهم أقرب إلى الله، ولا طريق يجعل الإنسان أقرب إلى الله إلا بالإيمان والعمل الصالح.

القسم الثاني: أن يتوسل الإنسان بالشيء بين يدي دعائه ليكون سببًا في إجابة الدعاء، يعني: التوسل في الدعاء لا في العبادة؛ لأن الأول متعلق بالعبادة، فهذه وسيلة ينجو بها الإنسان من النار ويدخل بها الجنة، أما هذا التوسل في الدعاء فيعني أن يتخذ الإنسان وسيلة يقدمها بين يدي دعائه لتكون سببًا في إجابته وهذا أقسام أو أنواع في الحقيقة؛ لأنه قسم، والقسم يتنوع إلى أنواع:

النوع الأول: أن يتوسل بالعمل الصالح، بمعنى: أن يسأل الله شيئا متوسلًا إليه- سبحانه وتعالى- بعمله الصالح، وهذا في القرآن كثير، وهو مشروع، ومنه قوله تعالى: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل ... } إلى قوله: {ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا} [آل عمران: ١٩٠ - ١٩٣]. أي: بسبب إيماننا فاغفر لنا، فتوسلوا بماذا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>