بالإيمان، التوسل بالعمل الصالح كتوسل أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، توسلوا إلى الله تعالى لإجابة دعائهم بماذا؟ بعملهم الصالح وإخلاصهم لله؛ لن كل واحد منهم ذكر عملا وقال:"اللهم إن كنت فعلت ذلك من أجلك فافرج عنا ما نحن فيه". فتوسلوا إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحة، فالتوسل بالإيمان والعمل الصالح من دأب الصالحين، ووجه كون الإيمان والعمل الصالح وسيلة ظاهر جدًّا: لأن الله عز وجل يجيب دعوة المؤمن العامل، فمن كان لله عبدًا كان الله له ربًا، فإذا كن هذا الإنسان عابدًا لله بالإيمان به- سبحانه وتعالى- وبطاعته كان ذلك من أسباب إجابة دعائه.
النوع الثاني: أن يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته، ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه المشهور عن النبي- عليه الصلاة والسلام-: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" هذه وسيلة، ما هو المقصود؟ "أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب غمي وهمي"؛ إذن توسل بماذا؟ بأسماء الله، فالتوسل إلى الله تعالى بأسمائه سواء كان على سبيل العموم كما في قوله:"أسألك بكل اسم هو لك"، أو على سبيل الخصوص كما لو قلت:"اللهم يا غفور فاغفر لي"؛ فقد توسلت بهذا الاسم إلى ما يقتضيه من المغفرة، "يا رحيم ارحمني" وما أشبه ذلك، فصار التوسل بالأسماء الحسنى له وجهان:
الوجه الأول: على سبيل العموم، فيقول:"اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى"، أو "بكل اسم هو لك" كما في الحديث.
والثاني: يتوسل باسم خاص معين يناسب ما دعا به مثل: "يا غفور اغفر لي، ويا رحيم ارحمني"، وما أشبه ذلك. ودليل هذا قوله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}[الأعراف: ١٨٠]. فقد أمر الله عز وجل أن ندعوه بأسمائه، وأن نجعلها وسيلة لنا في دعائنا، التوسل بالصفات دليله:"اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيرًا لي". ما هي الوسيلة؟ صفة من صفات الله وهي العلم والقدرة، وربما يستدل لذلك أيضا ويجعل مثالا في حديث الاستخارة:"اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك". يعني: أسالك خير الأمرين بما تعلمه فإنك تعلم ولا أعلم، وأسألك أن تقدر لي أو أن تقدرني عليه، وجهان.