المهم: التوسل بالأسماء والصفات مشروع؛ لأن الله تعالى أمر به، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمله فهو من سنته.
النوع الثالث: أن يتوسل إلى الله عز وجل بذكر حاله التي تستجلب الرحمة، ومنه قوله تعالى عن موسى صلى الله عليه وسلم:{رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}[القصص: ٢٤]. ومنه قولنا:"لا حول ولا قوة إلا بالله"، فإن هذا تبرؤ من الحول والقوة إلا بالله، فهو استعانة بالله عز وجل، ومنه قولك:"اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا". ومنه قوله تعالى:{لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين}[الأعراف: ١٤٩]. المهم هذا النوع الثالث بذكر حال الداعي التي تستجلب الرحمة؛ لأن ذكر حال الداعي لا شك أنها تستجلب وتستعطف المسئول حتى يعطف ويرحم هذا السائل؛ ولهذا جاء في قصة الثلاثة الأبرص، والأقرع، والأعمى ماذا قال الملك لهما؟ "إني فقير وابن سبيل، قد انقطعت بي الحبال في سفري"، هذه الأوصاف ماذا تستوجب؟ تستوجب أن يعطف عليه؛ ولهذا إذا قدم إليك إنسان بطاقة يقول: والله أنا فقير وصاحب عائلة ولا أستطيع أن أشتغل، ما المراد؟ المراد: أنه يريد منك أن تعطيه، إذن هذه الوسيلة جائزة فيها دليل من القرآن في قوله تعالى:{رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير}[القصص: ٢٤]. ومن السنة:"اللهم إني ظلمت نفسي ظلًا كثيرًا"، وإن كان الحديث هذا مشتملًا على ذكر حال الداعي، وحال المدعو، والتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته؛ يعني: هذا الحديث جامع بين الأنواع الثلاثة، إذن التوسل إلى الله تعالى بذكر حال الداعي.
النوع الرابع: أن يتوسل إلى الله عز وجل بدعاء أحد من عباد الله الصالحين، ما مثاله؟ كحديث الاستسقاء الذي معنا، فإن الصحابي الذي جاء إلى الرسول قال:"ادع الله يغيثنا" هذا التوسل بدعاء الصالحين، وكذلك قول عكاشة بن محصن: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال:"أنتم منهم". وأمثلة هذا، التوسل بدعاء الصالحين كثيرة، ومنه أيضًا فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإن عمر توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب لقربه من الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم الرسول صلى الله عليه سلم له؛ لأن الرسول قد جعل العباس بمنزلة الوالد له؛ لأن العباس أكبر من الرسول بسنتين.
إذن نقول: التوسل بدعاء الصالحين هذا جائز؛ لأن النبي- عليه الصلاة والسلام- أقره، ولكن هل هو مشروع أم لا؟ هو من قسم الجائز، أما المشروع فليس بمشروع؛ لأن فيه نوعًا من التذلل للخلق، إذا قلت: يا فلان، ادع الله لي، فهذا فيه شيء من الخضوع للخلق وسؤال الخلق، ولا ينبغي للإنسان أن يسأل أحدًا من المخلوقين، لكنه- والحمد لله- لا بأس به؛ لأن الإنسان قد