يرى من نفسه أنه ليس أهلًا، ويرى في نفسه تقصيرًا فيخجل من الله عز وجل فيطلب من عباد الله الصالحين أن يدعو الله له، فهذا جائز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقره.
النوع الخامس: أن يتوسل بذات أحد من المخلوقين، مثل أن يقول:"اللهم إني أسألك بنبيك" بذاته، فما حكمه؟ هذا لا يجوز، لماذا؟ لأننا سبق أن قلنا: إن الوسيلة هي ما يتوصل به إلى الشيء، وذات النبي صلى الله عليه وسلم ليست موصلة لك إلى مقصودك، وعلى هذا فلا يجوز التوسل إلى الله تعالى بنبيه، وما ورد في ذلك من حديث ضعيف:"أسألك بنبيك نبي الرحمة". فإنه محمول على واحد من أمور ثلاثة: إما أن المعنى: أسألك بنبيك، أي: بإرسالك نبيك، فيكون هذا من باب التوسل، بماذا؟ بأفعال الله التي هي من صفاته، أو أن المعنى:"أسألك بنبيك" أي: بإيماني به، وعلى هذا فيكون التوسل بالأعمال الصالحة بالإيمان بالله والرسول- عليه الصلاة والسلام-، أو أن المعنى: أسألك بنبيك؛ أي: بدعائك بأن يدعو الله لي، فيكون من باب التوسل بدعاء الصالحين، وهذا على تقدير صحة الحديث، فإن لم يصح فقد كفينا إياه، وإنما أولناه إلى أحد هذه الوجوه الثلاثة لأجل أن يطابق المعنى الذي شرعت من أجله الوسيلة وهو: أن تكون موصلة للمقصود.
النوع السادس: التوسل إلى الله بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنزلته عند الله، بأن يقول: أتوسل إليك يا رب بجاه نبيك ومنزلته عندك، فهذا الصحيح أنه لا يجوز ذلك؛ لأن هذا ليس بوسيلة، والوسيلة هي ما يوصل إلى المقصود، وهذا لا يوصل إلى المقصود؛ لأن جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الله لا شك فيه، وهو أعظم الناس جاها عنده، ولكن جاهه لا ينفعني؛ لأن جاهه إنما يكون نافعًا له هو بنفسه، أما أنا فماذا يفيدني؟ لا يفيدني شيئا، فالصحيح: أن التوسل بجاه الرسول صلى الله عليه وسلم محرم ولا يجوز؛ لأنه ليس من الأمور الموصلة إلى المقصود، ولا شك أنك إذا قدمت بين يدي دعاء ربك شيئا ليس وسيلة أنه من باب الاعتداء في الدعاء، وقد نتجاوز قليلًا ونقول: إنه من باب الاستهزاء بالله عز وجل، لأن كونك تقدم شيئا تريد من الله عز وجل أن يجيب دعاءك به، وهو ليس بوسيلة، ليس معنى ذلك إلا الاستهزاء، ولكننا قد لا نتجاوز حتى نقول: إنه استهزاء، لكنه بالنسبة للمخلوقين لو أن أحدًا توسل إلي بشيء لا يفيد لعددت ذلك منه استهزاء بي. فهذه ستة أنواع.
التوسل إلى الله عز وجل بأشخاص غير صالحين ما حكمه؟ أعظم حرمة من الذي قبله، لماذا؟ لأنه إذا كان التوسل بالصالحين بذواتهم حرامًا فغير الصالحين من باب أولى؛ ولهذا الأنبياء الكرام- صلوات الله وسلامه عليهم- حين طلب منهم الشفاعة اعتذروا بما فعلوا من الأمور التي