على اثنين، والقاعدة المطردة في اللغة العربية أن الضمير إذا كان يعود إلى اثنين فإنه يجب أن يثنَّى موافقة لمرجعه وهنا قال:((وحرّم على ذكورها))، والجواب على ذلك: أن مثل هذا وارد في اللغة العربية، بل في القرآن الكريم، وهو أن يذكر ضمير لأحد المرجعين ويحذف ما يماثله من الضمير الراجع للآخر، مثاله قوله تعالى:{والله ورسوله أحقُّ أن يرضوه}[التوبة: ٦٢]. كان المفترض في السياق أن يقول: أحق أن يرضوهما؛ لأنه جمعهما بحرف العطف الدال على الجمع، لكننا نقول في مثل هذا: إنه حذف من الجملة ما يشبه الموجود وهو أبلغ من ذكر الفعل للضمير المطابق؛ لأنه إذا حذف من الجملة صار كأنه ذكر مرتين بخلاف ما إذا جمعا في ضمير واحد.
وعلى هذا فنقول:((وحرِّم)) أي: الذهب، و ((حرم)) أي: الحرير، وقوله- عليه الصلاة والسلام-: ((على ذكورها)) ولم يقل: على رجالها؛ لأن الذكر يقابل الأنثى، والرجل يقابل المرأة، والحكم يتعلق بمجرد الذكورة لا بالبلوغ، ولهذا قال:((حرِّم على ذكورها)) سواء كانوا بالغين أم غير بالغين.
قوله:((على إناث أمتي)) ما المراد بالأمة هنا، أمة الدعوة أم أمة الإجابة؟ هذا ينبني على خلاف أهل العلم في الكفار هل هم مخاطبون بفروع الإسلام أو ليسوا مخاطبين؟ وقد درستم في أصول الفقه أنهم مخاطبون بفروع الإسلام، وعلى هذا فيكون المراد: أمة الدعوة، فالرجل إذا كان كافرًا ولبس الحرير والذهب فإنه سيعاقب على هذا بالإضافة إلى معاقبته على الكفر وأدلة هذا مبسوطة في أصول الفقه.
ويستفاد من هذا الحديث عدة فوائد: أولًا: حكمة الشرع في التحليل والتحريم، من أين تؤخذ؟ من تحليل الحرير والذهب للإناث وتحريمه على الذكور؛ لأن هذا هو مقتضى الحكمة؛ لأن الرجل لو يلبس الذهب ويلبس الحرير فمعنى ذلك: أنه يميل إلى النعومة وبالتالي يدعو الناس إلى الافتتان به؛ ولهذا كم من إناث سقطوا في شرك هذا الأمر حين يأتي شاب مائع يتزين ويلبس سلاسل الذهب وثياب الحرير، ثم يخرج إلى الناس ماذا يحصل من الفتنة؟ يحصل فتنة عظيمة حتى ينقلب الرجال إناثًا؛ ولهذا كان من الحكمة تحريمه على الذكور.
ويستفاد من هذا الحديث: أن تحليل الذهب والحرير للإناث يشمل الصغيرة والكبيرة، من أين يؤخذ؟ من قوله:((لإناث أمتي)).
فإن قلت: تعميمك الحكم للصغيرة والكبيرة من النساء ينافي ما ذكرت من الحكمة من أن في ذلك مصلحة للمرأة ولزوجها.
فالجواب أن نقول: إنه أبيح لها وهي صغيرة وإن كانت ليست في حاجة أن تتحلى بهذا من أجل تنشَّأ عليه: {أو من ينشَّؤا في الحلية} وتعتاده ولا يضر هذا.