الوفاة)) مثل ما قلنا في ((ما كانت الحياة))، وإنما يقول الإنسان ذلك لأنه لا يعلم: هل الخير في البقاء او في الموت، وأكثر الناس يظنون أن الحياة للإنسان، وليس الأمر كذلك، بل قد تكون الحياة شرًا للإنسان، قال الله تعالى:{ولا يحسبنَّ الَّذين كفروا إنَّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنَّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ}[آل عمران: ١٧٨]. وقال تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون (٤٤) وأملي لهم إنَّ كيدي متين} [القلم: ٤٤، ٤٥].
ولهذا كره بعض العلماء أن يدعى للإنسان بطول البقاء، يعني: لا تقل: أطال الله بقاءك أو أطال الله عمرك إلا إذا قيدته فقلت مثلًا: على طاعة الله؛ لأنك لا تعلم إذا طال عمره هل يكون ذلك خيرًا له أو شرًا له، وأنا أقول: إن الإنسان قد يدرك أنه في أول شبابه خيرٌ منه اليوم، حتى الصحابة رضي الله عنهم- كان بعضهم حينما فتحت الدنيا خاف على نفسه، وأقرَّ بأنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم خيرٌ من اليوم، فالإنسان لا يدري والحي لا يأمن الفتنة، ولهذا ينبغي لك إذا دعوت الله بطول العمر لك أو لغيرك أن تقيده بأن يكون على طاعة الله عز وجل.
في هذا الحديث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتمنى الإنسان الموت لضر نزل به، وإنما نهى عن ذلك؛ لأن هذا يدل على عدم الصبر، والواجب على الإنسان أن يصبر وينتظر الفرج من الله- سبحانه وتعالى- فقد قال تعالى: {فإنَّ مع العسر يسرًا (٥) إنَّ مع العسر يسرًا} [الشرح: ٥، ٦] وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا)).
يقال: إن الحجاج قال لشخص من الناس- اختلف معه في كلمة (فُعْلة) - هل تأتي في اللغة العربية أم لا؟ فذهب هذا الرجل إلى البوادي والأعراب يسأل هل تأتي فعلة على هذا أم لا؟ وتعرفون أن الحجاج ربما لو ما جاء بها له يقتله، فقيل له هذا البيت:
ربَّما تكره النُّفوس من الأمـ ... ـر له فرجة كحلٌ العقال
ثم إنه لما أنشد هذا البيت جاء الخبر بأن الحجاج قد مات، فانطبق هذا البيت تمامًا على الحالة الواقعة.
أقول: إن الإنسان يجب عليه أن ينتظر الفرج من الله عز وجل، وانتظار الفرج مع الصبر عبادة.
يستفاد من هذا الحديث: تحريم تمني الموت لضر نزل بالإنسان، من أين يؤخذ؟ من النهي المؤكد:((لا يتمنين)).