للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"يغسل"، يعني: البول، "ويرش" يعني: البول، يعني: إذا أصاب الإنسان بول جارية فإنه يغسل كما تغسل سائر الأبوال إذا أصابه بول غلام فإنه يرش، والمراد بالرش هنا: النضح بحيث يصب عليه الماء، وإن لم يتقاطر ويكفي أدنى شيء.

سبب هذا الحديث: أن أبا السمح رضي الله عنه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه بالحسن أو الحسين فبال على صدره، فأراد أن يغسله أبو السمح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا، فيكون هذا الحديث له سبب، والعبرة كما قال العلماء بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعلى هذا فيكون عاما.

فإن قال قائل: ما هو الضابط فيما يغسل وما يرش من بول الغلام؟

قلنا: الضابط ما ثبت في الصحيحين "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي لم يأكل الطعام فبال في حجره فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بماء فنضحه". فيكون الضابط في هذا ألا يأكل الطعام وليس المراد ألا يطعم شيئا؛ لأن هذا لو قلنا به لكان الصبي في أيامه الأولى يمكن أن يمضغ شيئا، لكن المراد ألا يكون الطعام بدلا من اللبن أو الأكثر، يتغذى بالطعام أكثر مما يتغذى باللبن، أما إذا كان الطعام هو غذاؤه فالأمر واسع.

وأما إذا كان هو الأكثر بناء على ما ذكره العلماء - رحمهم الله- من تغليب الأكثر على الأقل في كثير من المسائل يغلب فيها الأكثر على الأقل، فمثلا الحيض إذا زاد على خمسة عشر يوما، صار الدم استحاضة وليس حيضا؛ تغليبا للأكثر، الجلالة التي تأكل العذرة قال العلماء: إنها تكون جلالة إذا كان أكثر علفها النجاسة فاعتبروا الأكثر، كذلك هذا الصبي إذا كان أكثر غذائه الطعام حكمنا بأنه يأكل الطعام، وإن شرب لبنا مرة أو مرتين في اليوم فلا ينضح.

ففي هذا الحديث دليل على التفريق بين الأنثى والذكر، والفروق بين الأنثى والذكر قدرا وشرعا كثيرة ويمكن - إن شاء الله- أن نكلفكم بإحصائها؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك، الفرق بين الذكر والأنثى من وجوه كثيرة قدرية وشرعية فهنا فيه الفرق بين بول الذكر وبول الأنثى الصغار، الأنثى يغسل كما تغسل سائر الأبوال، والذكر ينضح، والرش هنا بمعنى النضح حتى يعم سواء تقاطر أم لم يتقاطر، ولا يحتاج إلى عصر أو إلى فرك.

فإن قال قائل: ما الفرق بينهما؟

قلنا: الفرق بينهما حكم الله ورسوله، فمتى حكم الله ورسوله بين شيئين متقاربين فالعلة هي حكم الله ورسوله، وهذه العلة مقنعة لكل مؤمن ولا يحتاج بعدها إلى نقاش؛ لأننا نؤمن بأن حكم الله مبني على الحكمة، وإذا كنا مؤمنين بأن حكم الله مبني على الحكمة علمنا أنه لابد أن

<<  <  ج: ص:  >  >>