للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن هذا من باب الوعيد، والوعيد إخلافه كرم بخلاف الوعد كما قال الشاعر: [الطويل]

وإني وإن أوعدته أو وعدته *** لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

أوعدته أو وعدته: الإيعاد بالشر والوعد بالخير، يقول: "لمخلف إيعادي ومنجز موعدي" قالوا: وهذا كرم، وإخلاف الوعيد من كرم الله (عز وجل) ذلك أن يتوعد عبادة على فعل شيء توعدهم بالعذاب عليهم ثم بعد ذلك يعفو ويصفح: .

والقول الثاني: أن هذا لمن يستحل القتل {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم} أي: من يقتله مستحلاً للقتل فالعموم مراد به الخصوص {ومن يقتل} هذه عامة ولكنها يراد بها الخصوص؛ أي: مستحلاً للقتل، ولكن الإمام (رحمه الله) أنكر هذا، قال: سبحان الله، إذا استحل قتل المؤمن فهو كافر، قتله أم لم يقتله، وصدق (رحمه الله) وما ها القول إلا كقول من قال في تارك الصلاة: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"، وقال: "من تركها فقد كفر"، قالوا: من تركها جاحدًا لوجوبها نقول: - سبحانه الله- يكفر ولو كان يصلى كل الخمس ونوافلها معها، فلا يصح أن يخصص بهذا، إذن هذا القول ليس بصحيح.

القول الثالث: يقولون: إن هذا جزاؤه إن جازاه، فيجعلون الآية على تقدير شرط {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه- إن جازيته- جهنم خلدًا فيها} [النساء: ٩٣}، وهذا كما ترون يسلب الكلام معناه، هذا جزاؤه إن جازيته، كيف يقال هذا؟ أصبح هكذا التهديد لا قيمة له.

الرابع: يقولون: إن هذا من باب آيات الوعيد ولا نتعرض له، بل نقول كما قال ربنا: {ومن يقتل مؤمنًا ... عظيمًا}، ونقول: كل مؤمن لا يخلد في النار ونسكت، وهؤلاء تخلصوا من مضيق طلب الجمع بين النصوص، لكنهم ما ظهروا بنتيجة، ما حصلنا علمًا من وراء ذلك.

والوجه الخامس: يقولون: إن هذا من باب التهديد الذي يراد به التنفير، وإن كان لا حقيقة له، كما نوحش أولادنا الصغار نقول: جاءكم البعبع، جاءكم الهر، وليس يوجد شيء، لكن من أجل أن يخافوا، وهذا من أضعف الأقوال.

والقول السادس: يقولون: إن هذا سبب للخلود، وما يدرينا لعل هذا القاتل الذي استحل هذه الحرمة العظيمة أن يختم الله على قلبه ويطبع، حتى يكون من أهل النار فهو سب، والأسباب لا عمل لها إذا انتفت الموانع، قد يكون السبب قائمًا لكن يأتي معنى ويمنع منه، ومعلوم أن كل الأسباب لا تثبت إلا بوجود الأسباب وانتفاء الموانع، وهذا كما نقول: الولادة

<<  <  ج: ص:  >  >>