للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما يؤخذ منه محبة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لتنظيف المسجد، لأنه سال عنها حين فقد هذا القمم من هذه المرأة.

ويستفاد من الحديث: جواز الصلاة على القبر، يؤخذ من قوله: "فصلى عليها" إذن فالصالة على القبر مشروعة سواء كان ذلك من أهل البلد أو من إنسان قادم بعد أن مات الميت ودفن؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) خرج وهو مع أهل البلد، ولكن هل يشترط في جواز ذلك ألا يكون الإنسان عالمًا بموتها؟ بمعنى: هل يشترط أن يكون الإنسان متمكنًا من الصلاة على الميت قبل دفنه أولا يشترط؟ لنفرض مثلاً: إن أحدًا علم بموته فلان، ولكنه قال غدًا أخرج أصلى عليه عند القبر، أما الآن فأنا مشغول، قد نقول في ذلك: إنه لا يشرع، لأن المشروع أن تصلى على الميت حاضرًا، فإذا لم يكن صل على قبره، فإلى متى الصلاة على القبر؟ حدها بعض أهل العلم بشهر، فإذا انتهي الشهر فإنه لا تشرع الصلاة عليه، وعللوا ذلك بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى على قبر إلى شره، استدلوا لذلك بهذا الحديث قالوا: وهذا دليل على التحليل، ولكننا لا نسلم لهذا القول، لماذا لا نسلم؟ لأن صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) على القبر إلى شهر إنما وقعت اتفاقًا لا قصدًا وما وقع اتفاقًا لا يصح أن يكون حدًا، هذه قاعدة: كل شيء وقع اتفاقًا فإنه لا يصح أن يكون حدًا إلا أن يكون هناك دليل على منع هذا الشيء فإنه يخصص ذلك الدليل على المنع بهذه القضية المعينة، يعني: لو كان هناك دليل على أنه لا يصلي على القبر كنهي مثلاً، ثم وجدنا أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صلى على قبر إلى شهر ماذا نقول؟ نقول: نبقي العموم على عمومه ونخصه بهذه الصورة المعينة فقط، لكن ليس هناك دليل يقول: لا تصلوا على القبور إلى مدة كذا، أو لا تصلوا على القبور أبدًا، وعلى هذا فما وقع اتفاقًا لا يصح أن يكون حدًا، ومن ذلك تحديد بعض أهل العلم الإقامة التي ينقطع بها أحكام السفر بأربعة أيام استدلالاً بأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قدم إلى مكة في اليوم الرابع في حجة الوداع وكان يقصر الصلاة، قالوا: فما زاد على الأربعة لا يجوز قصر الصلاة فيه، فيقال لهم: لو كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) أعطانا حكمًا عامًا: إن الإقامة في البلد تنقطع بها أحكام السفر لكنا جعلنا الأربعة أيام حدًا، فلما لم يرد ذلك وقد وقعت القضية اتفاقًا فإنها لا تصح أن تكون حدًا.

إذن إذا قلنا: إنه لا يحد بشهر فبكم؟ أي وقت تحدده ستطالب بالدليل، بعضهم قال: إنه يصلى إلى سنه، وبعضهم قال: يصلى إلى الأبد، وبعضهم قال: إلى أن يبلى، وما الذي يعلمنا ببلاه؟ الأراضي تختلف، والناس أيضًا قد يكرم الله بعض الناس بعدم بلاء أجسادهم، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>