وقوله:"في اليوم الذي مات فيه" متعلق بـ "نعي" يعني: نعاه في نفس اليوم، وقوله:"خرج بهم إلى المصلى" اختلف الشراح في "المصلى" بعد اتفاقهم على أن المصلى على وزن "مفعل" أي: مكان الصلاة، لأن اسم المكان من الرباعي فما فوق يكون على وزن اسم المفعول، فيقال: مصلى، ويقال: مخرج وما أشبه ذلك، فقوله:"إلى المصلى" اختلف الشراح في المراد به، فقيل: إن المراد به: مصلى الجنائز، وقيل: إن المراد به: مصلى العيد، فرجح الأول بأن هذه صلاة جنازة، فكان الأنسب أن تكون في المكان الذي يصلى فيه على الجنائز، ورجح الثاني بأن "أل" للعهد، والمعهود في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما يقال: المصلى فهو مصلى العيد، وأما مصلى الجنائز فيقيد بالإضافة، ويقال: مصلى الجنائز، فهذا ما يرجح أن المراد به: مصلى العيد، الحكمة من ذلك: إعلاء شأن هذا الرجل، لأن الناس إذا خرجوا إلى مصلى العيد ليصلوا عليه اشتهر ورفع ذكره بين الناس وهذا مرعوف، وهذا عندي هو الأقرب، أنه خرج بهم إلى مصلى العيد تنويهًا بذكر هذا الرجل وإعلاء لشأنه (رحمه الله).
قال:"فصف بهم" أي: جعلهم صفوفًا كصفوف الصلاة، و"كبر عليه أربعًا" في حديث جابر (رضي الله عنه): "كنت في الصف الثالث أو الرابع"، وهذا يدل على كثرة الذين خرجوا، لأن مصلى العيد- فيما يظهر- واسع، فإذا كان جابر في الصف الثالث أو الرابع فهذا دليل على أن الناس خرجوا بكثرة، قال:"وكبر عليه أربعًا" ولم يذكر سوى التكبير، لأن المظاهر - والله أعلم- أنه أراد أن سن عدد التكبير حيث اختلفت السنة فيه، فإنه قد ثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه صلى على جنازة فكبر عليها خمسًا، فلما اختلفت نص على التبكير، وأما ما يقرأ فيما بين التكبيرات فسيأتي - إن شاء الله تعالى-.
ففي هذا الحديث عدة فوائد؛ منها: جواز النعي وهو: الإخبار بموت الميت ليصلى عليه، ودليلة: فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم).
فإن قلت: هذا فعل، وحديث حذيفة قول، والقول مقدم على الفعل لاحتمال الخصوصية فالجواب: أن الأصل عدم الخصوصية، وأننا مأمورون بالتأسي بالنبي (صلى الله عليه وسلم) قولاً وفعلاً.
إذن نقولك احتمال أن يكون خاصًا بالرسول (صلى الله عليه وسلم) الأصل عدمه، ومن العجيب أن الشوكاني (رحمه الله) - مع أنه من العلماء الفحول- يري أنه إذا تعارض القول والفعل أدنى معارضة فالحكم للقول ويلغي الفعل، يقول: لاحتمال الخصوصية، ونحن نقول: إذا أمكن الجمع فإن