الأول الجمع؛ لأن فعل الرسول لا يعارض قوله، ولهذا أمثلة كثيرة منها هذا الحديث" ومنها: حديث النهي عن الشرب قائمًا، مع أنه شرب قائمًا، ومنها: حديث النهي عن استقبال القبلة واستدبارها في البنيان، وله أمثله كثيرة، لكن الصواب في هذا أنه يجب علينا أن نأخذ بالقول والفعل، وأن نجمع بينهما ما استطعنا، نعم إذا لم نستطع وأعيانًا الأمر فيمكن أن نقول: هذا خاص بالرسول (صلى الله عليه وسلم) لأننا لا نعلم وجهًا يمكن فيه الجمع بين فعله وقوله، فحينئذ نقول: فعله خاص به ونبقى على دلالة القول.
ومن فوائد الحديث: فضيلة النجاشي (رحمه الله)، وذلك لاهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) به، بل ولعناية الله به من قبل، فإن الله تعالى أخبر نبيه بموته، والنبي (صلى الله عليه وسلم) اهتم به كما سمعتم.
فيستفاد منه: فضلية هذا الرجل، وربما يستفاد منه: فضيلة صلاح السلطان، وأن للسلطان أهمية في صلاحه؛ لأن هذا الرجل ليس رجلاً عاديًا، بل هو ملك للحبشة.
فقد يؤخذ منه: الاهتمام بصلاح السلطان، ولا شك أن صلاح السلطان له أهمية عظيمة كما قال الإمام أحمد (رحمه الله): لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان، لأن بصلاحه صلاح الأمة.
وقد يؤخذ منه أيضًا: فضيلة من انفرد بالصلاح في مكان أهله ذو فساد، يؤخذ من أن النجاشي (رحمه الله) كان في مكان أهل شر وفساد وهو (رحمه الله) صالح، ولا شك أن الصلاح في موضع الفساد له فضل وأهمية، ولهذا ورد في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "طوبي للغرباء الذين يكونون في الناس كالغرباء"، الناس أهل شر وفساد وهذا أهل صلاح كأنه غريب في هذا البلد، وورد أيضًا في أيام الصبر أن للعامل فيهن أجر خمسين من الصحابة، ولا شك أن انفراد الإنسان بالصلاح في موضع يكثر فيه الفساد يعتبر من نعمة الله عليه وأن له شأنًا ينبغي أن يهتم به؛ ليكون ذلك تشجيعًا لغيره، وكذلك تقويه لهذا الرجل الذي صلح في مكان الفساد.
ويستفاد من الحديث: مشروعية الصلاة على لغائب أو جواز الصلاة على الغائب، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على أقوال ثلاثة: فمنهم من يري: أنه يشرع الصلاة على كل غائب أيا كان هذا الغائب، إذا مات ميت في بلد فإنه تشرع الصلاة عليه مطلقًا ولو كان من عامة الناس، وبناء على ذلك رأي بعض أهل العلم- رحمهم الله- أنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن