للنسبة، لكنها ليست نسبة قرابة بل نسبة بلد، يعني: على الجنائز التي تقدم إليه في بلده كان يكبر أربعًا، وقد ثبت أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كبر على النجاشي أربعًا، وأنه كبر على جنازة خمسًا فزاد واحدة.
فسألته فقال:"كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكبرها" يعني: يكبر خمسًا، لقوله:"يكبرها" أي: الخمس، فهي عائدة على الخمس، وليست عائدة على الخامسة.
فيستفاد من هذا الحديث عدة فوائد: أولاً: أن المشروع في العبادات الواردة على وجوه متنوعة أن يفعلها تارة على هذا الوجه، وتارة على وجه آخر، بدليل فعل هذا الصحابي كان يكبر على الجنائز أربعًا وكبر خمسًا وبين أن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعل ذلك.
وعلى هذا فيكون لهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) أصل من فعل الصحابي (رضي الله عنه) وأن السنة إذا جاءت على وجوه متنوعة فينبغي أن نفعل هذا مرة وهذا مرة لأجل أن تكون للسنة كلها.
ومن فوائد الحديث: أن الأكثر في الجنائز أن يكبر عليها أربعًا وهذا فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) أكثر ما يكبر أربعًا، حتى زعم بعض أهل العلم: أن التكبيرات الزائدة على الأربع منسوخة، ولكن الصحيح أنها ليست منسوخة وذلك لإمكان الجمع، ومن شرط النسخ ألا يمكن الجمع.
ومن فوائد الحديث: حرص التابعين على العلم، لأن عبد الرحمن بن أبى ليلي سأل.
ومن فوائده: أن ما خرج عن الأصل والعادة فإنه محل سؤال، لماذا؟ لأنه قد يخطئ الإنسان فيزيد وقد يغلط، فإذا خرج الشيء عن المعتاد، فاسأل لماذا؟ ولهذا لم سلم النبي (صلى الله عليه وسلم) من ركعتين- لحديث أبى هريرة- في قصة ذي اليدين، قالوا: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ ولما صلى خمسًا في حديث ابن مسعود قالوا: يا رسول الله، أزيد في الصلاة؟ فإذا خرج الشيء عن العادة فلا بد أن يسأل عنه؛ لئلا يكون الإنسان في خطا.
ومن فوائد الحديث: أن من هدي الصحابة - رضي الله عنهم- إظهار السنة بالفعل، يؤخذ من فعل زيد (رضي الله عنه)، وهكذا ينبغي لأهلا لعلم أن يظهروا السنة بالفعل، لأن إظهار السنة بالقول لا شك أنه طريق من طرق البلاغ، وداخل في قول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "بلغوا عني ولو آية"، لكن الفعل أبلغ، ولهذا لو أن رجلاً من الناس نصح نصيحة بما يتعلق بأحكام الفقه فقبلها الناس وسمعوها وبقيت في أذهانهم ما شاء الله، لكن لو فعلها فعلاً لكان ذلك أبلغ وأرسخ في الذهن، تجدهم يقولون: صلى فلان ذاك اليوم، وفعل كذا وكذا، فيبقي في أذهانهم، لاسيما ما يخرج على المألوف عندهم.
ومن فوائد الحديث: مشروعية التبكيرات الخمس في صلاة الجنازة؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعل