ذلك، ولكن ماذا يصنع في التكبيرات؟ نحن نقول: فيا لأولى: الفاتحة، وفي الثانية: الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) وفي الثالثة: الدعاء، وفي الرابعة: الدعاء أيضًا، وفي الخامسة سكوت ثم الدعاء، وعلى هذا فإنك تدعو، ومن الممكن أنتقسم الدعاء الذي يكون في الرابعة بين الرابعة والخامسة، ومن الممكن أن تدعو دعاء مستقلاً مناسبًا للحال، فالمقصود هو الدعاء للميت، هذا وأهم شيء في صلاة الجنازة هو أن تدعو للميت.
٥٣٦ - وعن علي (رضي الله عنه): "انه كبر على سهل بن حنيف ستًا، وقال: إنه بدري"، رواه سعيد بن منصور، وأصله في البخاري.
على بن أبى طالب (رضي الله عنه): "أنه كبر على سهل بن حنيف ستًا، وقال: إنه بدري"، رواه سعيد بن منصور، واصله في البخاري.
على بن أبى طالب (رضي الله عنه) أحد الخلفاء الراشدين، وهو يمتاز عن الخلفاء الأربعة بأنه أقربهم نسبًا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تولى الخلافة بعد قتل عثمان (رضي الله عنه) واستشهاده، لأنه أحق الناس بها بعد عثمان، وكان فيما سبق كان الخليفة هو الذي يتولى الإمام - إمامة الناس- فكبر على سهل بن حنيف ستًا، وقال:"إنه بدري" احتمالان: احتمال أنه فعل ذلك اجتهادًا منه (رضي الله عنه) لكون هذا الرجل بدريًا زاده في التكبيرات ليزيده في الدعاء، ويحتمل أن هذا من عادة الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه يكبر على أهل بدر ستًا فإن كان قد صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يصلى على أهل بدر ستًا تعيين الاحتمال الثاني، وإن لم يصح فالأصل العدم، فيترجح الاحتمال الأول بأن عليًا (رضي الله عنه) اجتهد ورأي أن أصحاب بدر لهم حق بحيث يزاد في تكبيرات الجنائز عليهم، ليزداد الدعاء لهم، وعلى هذا فإن على بن أبى طالب (رضي الله عنه) أحد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بإتباعهم ما لم يخالفوا سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإن خالف أحد سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فإنه لا يؤخذ بقوله كائنًا من كان.
وعلى هذا فإذا صلينا على بدري كبرنا عليه ستًا وهذا لا يمكن اليوم، أهل بدر- رضي الله عنهم - امتازوا بميزة من جهة الأثر الذي حصل بالغزوة ومن جهة الثواب:
أما الأثر: فإنه من ذلك اليوم اعتز الإسلام اعتزازًا عظيمًا: {وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان}[الأنفال: ٤١]. ولهذا ما بزغ نجم النفاق إلا بعد غزوة بدر، لما قوى المسلمون بدأ يظهر النفاق- والعياذ بالله-، وكان بالأول غالب الكفار يبين كفره ولا يبالي هذا الأثر.
وأما الثواب: فإن الله تعالى أطلع على أهل بدر وقال: "أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم"، ولهذا ما ارتد أحد من أهل بدر أبدًا.