ومن فوائد الحديث: حرص الصحابة- رضي الله عنهم- على العمل لسؤالهم عن هذين القيراطين.
ومن فوائد الحديث: الرد على أهل التفويض، من هم أهل التفويض؟ أهل التفويض: هم الذين يقولون: إن نصوص الكتاب والسنة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته ليس لها معنى معلوم عندنا، وإنما الواجب علينا أن نفوض علمها إلى الله، ما وجه الرد؟ ذلك أن الصحابة لما جهلوا اللفظ في هذه المسألة الجزئية استفسروا عنه، فلو كانت نصوص الكتاب والسنة غير مفهومة في أسماء الله وصفاته هل يدعها الصحابة بدون استفهام مع أنها زبدة الرسالة، فلما لم يستفهموا عنها علم أن معناها معلوم عندهم وهذا هو الواقع، لأن الله قال للرسول صلى الله عليه وسلم:{وأنزلنا إليك الّكر لتبين للنَّاس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكَّرون}[النحل: ٤٤]. أي إنسان يقول: في القرآن شيء ما بين فقد قدح في مدلول هذه الآية؛ لأن معنى قوله هذا: أن الرسول لم يبين.
فعلى هذا نقول: في هذا الحديث رد على أهل التفويض، وقد علمتم ما نقلناه عن شيخ الإسلام ابن تيمية من أن قول أهل التفويض من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، مع أن بعض الجهَّال الآن يظنون أن هذا هو مذهب السلف، ولهذا يقولون عبارتهم- الكاذبة من وجه والصادقة من وجه- يقولون:"طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم"؛ لأن السلف عندهم بمنزلة الأميين الذين يقولون: ما ندري: فالذي يقول: ما أدري عما لا يدري فهو سالم بلا شك، ومع ذلك يقولون: طريقة الخلف أعلم وأحكم، وهذا تناقض بيّن؛ لن مبنى السلامة الحقيقية على العلم والحكمة، فيلزم من كون طريقة الخلف أعلم وأحكم أن تكون أسلم، أو نقول: يلزم من كون طريقة السلف أسلم أن تكون أعلم وأحكم، ولذلك هذه العبارة وإن قالها من قالها من العلماء الأجلاء فهي في الحقيقة مردودة على قائلها، وطريقة السلف- بلا شك- أسلم وأعلم وأحكم، أهل التفويض شيخ الإسلام رحمه الله يقول: إن قولهم شر أقوال أهل البدع؛ لأن قولهم يستلزم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين الحق في أسماء الله وصفاته، بل إن الله عز وجل ما بين الحق في أسمائه وصفاته، وهذا شر، يستلزم شيئًا آخر استطال أهل التخييل من الفلاسفة وغيرهم على أهل السنة زعموا أنهم ممثِّلة وقالوا: إذا كنتم لا تعلمون معاني الكتاب والسنة فاذهبوا نحن نعلمها، فالنبوات والمعاد والإله لا حقيقة له، إنما هو تخييل قام به عباقرة الإنسانية حتى يسنوا للناس طرقًا فيمشوا عليها بسبب هذا البعبع، يعني: الذي يخوفون به الصبيان، هم يقولون: جاء عباقرة من بني آدم وسنوا لهم طرقًا يعبرون عنها بالإصلاح أو التهديد، لكنهم يقولون: هناك رب، وهناك جنة ونار، والذي لا يطيعنا يدخله هذا الرب النار،