للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجوب حتى نتكلف بحيث لو كان بجانب رجليه قبر نتعب، هذا الأمر إذا صح فهو على سبيل الاستحباب.

٥٤٨ - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وضعتم موتاكم في القبور، فقولوا: باسم الله، وعلى ملَّة رسول الله". أخرجه أحمد، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وصحَّحه ابن حبَّان، وأعلَّه الدَّارقطنيُّ بالوقف.

أولًا يقول: "إذا وضعتم موتاكم في القبور" يعني: عند الوضع "فقولوا" هذا جواب الشرط، "باسم الله" الجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره: أضع، ذكرنا فيما سبق أن المتعلق يقدر بحسب الفعل الذي تريد أن تفعله.

وقوله: "وعلى ملة رسول الله" يعني: ودفناه على ملة رسول الله "والملة" هي: الدين كما قال الله تعالى: {ثمَّ أوحينا إليك أن اتَّبع ملَّة إبراهيم حنيفًا} [النحل: ١٢٣]. وقال وتعالى: {مِّلة أبيكم إبراهيم} [الحج: ٧٨]. فالملة هي: الدين، وفي حديث آخر: "باسم الله وعلى سنة رسول الله"، والمعنى متقارب؛ لأن المراد بالسنة: الطريقة.

وقوله: "وعلى ملة رسول الله" أو سنته بماذا؟ أي: في وضعه ولحده وتوجيهه إلى القبيلة، ولكن الحديث يقال: إنه معلول بالوقف، وقد سبق لنا أن من شروط صحة الحديث أن يكون سالمًا من الشذوذ ومن العلة القادحة، ولننظر في الوقف: هل هو علة قادحة أو لا؟ هذا يرجع إلى من رفعه إذا كان من رفعه ثقة، فإن الزيادة التي صار بها مرفوعًا تكون زيادة من ثقة، وزيادة الثقة مقبولة؛ لأن عندنا مثلًا إنسان حدَّث بهذا الحديث وساق السند إلى ابن عمر ثم وقف، وقال: "إذا وضعتم"، وآخر ساق سند الحديث، ووصل إلى ابن عمر، وقال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" صار مع هذا الرافع زيادة علم، هذه الزيادة إذا كانت من ثقة فإنها مقبولة، ولهذا إذا تعارض الرفع والوقف وكان الرافع ثقة فإن الوقف لا يكون إعلالًا، لماذا؟ لأنه من الجائز، بل قد يكون كثيرًا أن يكون الرافع له أحيانًا يحدِّث به رافعًا له إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأحيانًا يحدِّث به بنفسه، كما لو كنا الآن نتحدث حديثًا وقلنا: ينبغي للإنسان أن يحسن نيته وألا ينوي بعمله إلا الله فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، هذا الحديث لا شك أنه مرفوع، لكن قد يقوله المحدث استشهادًا على حال من الأحوال، ربما كان ابن عمر خارجًا في جنازة فقال لهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>