للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله- الاشتراك في الماشية، بل أقول بعبارة أعم: الماشية إما أن يكون المالك واحدًا، أو اثنين مشتركين فيها على الشيوع، أو أثنين مشتركين فيها شركة أوصاف، فهذه ثلاثة أقسام إذا كان واحدًا فوجوب الزكاة عليه معلوم ظاهر كما لو كان يملك أربعين شاة فعليه زكاتها.

الثاني: إذا كان اشتراك على سبيل الشيوع، بمعنى: أن هذا المال مشترك بين الشخصين أنصافًا؛ يعني: له نصف والثاني له نصف فيه الزكاة؛ لأنه الآن مال مجتمع ففيه الزكاة، وإن كان كل واحد منهما لو انفرد لم تجب عليه الزكاة؛ لأنه لا يملك إلا نصف نصاب.

الثالث: شركة الأوصاف أن يتميز مال كل واحد منهما، ولكن يشتركان في المرعى والمحلب والفحل والمسرح، ففي هذه الحال تجب الزكاة على هذا المال المختلط خلطة أوصاف، وإن كان كل منهما لو نظر إلى نصيبه لم يكن من أهل الزكاة هذا خاصٌّ بالماشية، أما ما عداها فإن كل واحد من المشتركين له حكم نصيبه ولا عبرة فيها بالجمع ولا بالتفريق، ولهذا لو قُدر أن أحدًا من الناس له مثلًا من المال نصف نصاب في هذا البلد ونصف نصاب في البلد الآخر فتجب عليه الزكاة وإن كان متفرقًا، لكن لو كان له نصف نصاب من الماشية هنا ونصف من الماشية في بلد آخر لم يجب عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجمع بين مُتفرق ولا يفرق بين مُجتمع خشية الصدقة، كذلك لو فرضنا أن رجلًا توفي وترك نصابًا من الذهب وورثه ابناه هل عليهما زكاة؟ لا؛ لأن كل واحد منهما لا يملك إلا تصف نصاب فلا زكاة عليهما، ولو ترك لهما أربعين من الغنم وبقيت طوال الحول لم تقسم فعليهما الزكاة، والسبب هو ما قلت من أن الجمع والتفريق في الماشية مؤثر وفي غيرها لا يؤثر، كل إنسان على حسب ملكه، فصارت الآن الماشية تختص عن غيرها بأمور منها هذه المسألة وهي: أن الجمع والتفريق يؤثران فيها بخلاف غيرها، وذكرنا أن للماشية بالنسبة للانفراد والاشتراك ثلاث حالات: إما أن ينفرد الإنسان بملكها، أو يشاركه غيره شركة مشاعة أو شائعة، أو يشاركه غير شركة أوصاف، والفرق بين شركة الأوصاف وشركة الشيوع: أن شركة الشيوع يشترك فيها الرجلان في هذا المال يكون بينهما، وشركة الأوصاف ينفرد كل واحد منهما بماله لكن يشتركان فيما يختص بالماشية من المرعى والمحلب والمسرح والفحل وما أشبه ذلك، جُمعت في قوله:

إن اشتراك فحل مسرح ومرعى ... ومحلب ومراح خلطة قطعًا

قال: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية"، "ما كان" هذه شرطية، "ما" شرطية و"كان" فعل الشرط، و"فإنهما يتراجعان" جواب الشرط، و"من خليطين"، "من" بيان لـ"ما" الشرطية؛ يعني: ما وجد من خليطين، و"خليطين" بمعنى شريكين، "فإنهما يتراجعان

<<  <  ج: ص:  >  >>