الوضوء له سنن وله فرائض وواجبات؛ فمن سننه السواك دليله حديث أبي هريرة:
٢٩ - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء".
"لولا" هذه حرف امتناع لوجود، وعندنا ثلاث أدوات اقتسمت الامتناع أو الوجود:"لما، ولو، ولولا": "لما" حرف وجود لوجود، "لو" حرف امتناع لامتناع، "ولولا" حرف امتناع لوجود.
مثاله في "لما" تقول: "لما زارني أكرمته"؛ هنا حصل الإكرام لحصول الزيارة، إذن وجود لوجود.
ومثال "لولا": "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم"؛ فهنا امتنع الأمر لوجود المشقة، وقوله:"لولا أن أشق" المشقة هي التعب والإجتهاد.
وقوله:"على أمتي" المراد بالأمة: أمة الإجابة؛ لأن أمة الدعوة الأمة المدعوون لا يخاطبون بالسواك، وإنما يخاطبون بالإسلام أولا.
وقوله:"لأمرتهم" أي: أمر إلزام. وجه ذلك: أنا حملناهم على الإلزام؛ لأن أمر غير الإلزام لا مشقة فيه؛ حيث إنه يجوز للإنسان تركه، وما دام يجوز تركه فلا مشقة فيه، وعلى هذا فيكون مراده "لأمرتهم" أمر إلزام.
"بالسواك" السواك يطلق على الألة التي يتسوك بها، وعلى الفعل، نقول: تسوك الرجل سواكا بالغ فيه هذا الفعل، وعلى هذا يكون السواك اسم مصدر وليس مصدرا؛ لأنه لم يطابق الفعل في حروفه، ومن ذلك أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم:"السواك مطهرة للفم مرضاة للرب".
السواك يعني: التسوك وليس العود، ومن استعماله بمعنى الآلة التي يتسوك بها أن القول: أعطيت فلانا سواكا؛ يعني: ما يتسوك به، فصار السواك يطلق على الآلة التي يتسوك بها، وعلى نفس الفعل، فما المراد به في الحديث "لأمرتهم بالسواك؟ " الفعل وليس الآلة؛ لأنه ليس من المعقول أن يكون المراد "لأمرتهم" أن يحمل الواحد منهم آلة يتسوك بها بل المراد بالسواك أي بالفعل.