يقول:"أخرجه مالك وأحمد والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاري تعليقا".
قدم المؤلف مالكا إما لتقدم ومنه، وإما لأن "الموطأ" أصح من "المسند"، وإلا فلا شك أنا إماما كالإمام أحمد أشهر من الإمام مالك وغيره، فقد أطلق عليه إمام أهل السنة وحاله مشهورة معروفة، وقوله:"ذكره البخاري تعليقا" ما معنى التعليق؟
يقول علماء المصطلح: التعليق: حذف أول المسند، فمثلا إذا كان الراوي - يعني: مخرج الحديث - رواه على هذا الترتيب (١ - ٢ - ٣ - ٤) إلى منتهاه، فحذف رقه (١) معلق، حذف (ا، ٢) معلق، حذف (١، ٢، ٣) معلق، بل يطلق المعلق على حذف السند كله، حكم المعلق أنه ضعيف؛ لعدم وجود السند، وإذا عدم السند صار الرواة مجهولين لابد من العلم بالرواة لأنهم أهل للرواية؛ إلا أنهم قالوا: إذا كان المخرج قد التزم بتعليق ما هو صحيح عنده بصيغة الجزم فيحكم بصحته مطلقا، أو عند المعلق؟ عند المعلق فقط، يعني: قد يكون صحيحا عنده ولكنه ليس بصحيح عند غيره.
الخلاصة: المعلق اصطلاحا: ما حذف أول إسناده أو جميع الإسناد، المعلق في المرتبة من قسم الضعيف، إلا إذا كان في كتاب التزم مخرجه الصحة، وهذا يكون صحيحا عنده فقط وعند غيره قد يكون صحيحا وقد يكون غير ذلك، لكنه إذا كان المعلق إماما معتبرا عند الحفاظ فلا شك أن تعليقه له وزنه وله قيمته، ولهذا ذكره المؤلف قال:"ذكره البخاري تعليقا"، مع أنه يكفي أن يقول: رواه مالك، وأحمد، والنسائي، وصححه ابن خزيمة.
في هذا الحديث فوائد متعددة منها: شفقة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر معلوم بالضرورة؛ لأنه يثبت بالتواتر لقوله تعالى:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم}[التوبة: ١٢٨].
ومن فوائده: أن النبي صلى الله عليه وسلم له أن يجتهد في الأحكام لقوله: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم" ولم يقل: "لولا أن الله لم يأمرني لأمرتهم"، بل قال:"لولا أن أشق"، فالمانع له من الأمر الملزم ليس عدم أمر الله، ولكن المشقة.
إذن للنبي أن يجتهد ثم إن أقره الله عز وجل فالحكم شرعي بإقرار الله، وهذا هو الأصل وإن لم يقره الله ارتفع الحكم، فعفو النبي - عليه الصلاة والسلام- على المتخلفين لم يقره الله