للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي أشرنا إليه في مسألة الذهب المحلق. قال كثير من أهل العلم: إنه شاذ لمخالفته الأحاديث الصحيحة الكثيرة الدالة على جواز لبس الذهب المحلق، ولهذا كان الراجح القول بالجواز، وأن القول بالمنع ضعيف.

ويستفاد من هذا الحديث: أن للأم ولاية على أولادها، لقوله: "أتعطين زكاة هذا؟ "، وهذه المسألة مختلف فيها عند أهل العلم، فمنهم من قال: إنه لا ولاية للأم على أولادها في المال، وأن ولاية المال للأب إما خاصة وإما للأب والجد وإن علا، أما الأم فليس لها ولاية المال على أولادها، ولكن الصحيح أن لها ولاية المال على أولادها كما لها ولاية على آداب أولادها، نعم لو كان هناك أب فهو الأولى لأنه هو الذي يحفظ المال ويحسن التصرف أكثر من الأم، إنما إذا لم يكن أب وكانت الأم هي التي تتولى مال أولادها كما لو مات زوجها وبقي أولادها عندها تتولى أموالهم أخذا ودفعًا وتصرفا فإن لها ولاية شرعية.

ويستفاد من هذا الحديث: أن المخاطب بزكاة مال الصبي والمجنون وليهما لقوله: "أتعطين زكاة هذا؟ "؛ ولهذا قال العلماء: إن الزكاة تجب في زكاة الصبي والمجنون ويخرجها وليهما.

ويستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يستفصل في الأمور التي قد تخفى وإلا فالأصل أن الإنسان ما يسأل كيف ذلك؟ لأنه سألها هل تعطي زكاة هذا، وإلا فلا يلزم الإنسان أن يسأل الناس هل أنتم تزكون، هل أنتم تفعلون؟ لا، لكن إذا كان المقام يقتضي السؤال فليسأل، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أتؤدين زكاة هذا؟ ".

وفيه أيضًا: دليل على وجوب الزكاة في الحلي، لأنه قال: وزكاة هذا، وهو كذلك، ويؤيد هذا قوله: "أيسرك أن يسورك الله بما يوم القيامة سورين من نار؟ "، ومثل هذا الوعيد إنما ورد في ترك الزكاة، ولم يأت بطائل من قال: إنه لا زكاة في الحلي، لأنهم لم يقابلوا هذا الحديث وغيره من الأحاديث العامة بأدلة من السنة أبدا، وغاية ما هناك أنهم استدلوا بحديث رواه جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس في الحلي زكاة". وهذا الحديث ضعيف.

ثم هم لا يقولون بموجبه أيضًا، بل يقولون: إن الحلي تجب فيه الزكاة أحيانًا، ولو أخذوا بظاهر الحديث لكان ظاهره عدم الوجوب مطلقا مع أنهم يقولون: لو أعد حليا للإجارة لوجبت فيه الزكاة مع أنه ليس عروض تجارة، هم يقرون أن مثل هذا ليس عروض تجارة، ومع هذا يوجبون فيه الزكاة، ولو أخذوا بدلالة الحديث الذي استدلوا به لكان الواجب عليهم أن يقولوا: ليس فيه زكاة، والمهم: أن من تأمل أدلة من قالوا بعدم الوجوب لم يجد لها طائلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>