ومن فوائد هذا الحديث: أن الزكاة واجبة في الحلي كل سنة؛ لقوله:"أتؤدين زكاة هذا؟ "، وجه الدلالة: أن الزكاة في الأموال تتكرر كل سنة، فلو كان عند الإنسان مال دراهم أو دنانير وجب عليه أن يزكيها كل ستة وإن كانت لا تنمو، ومن قال: إن الزكاة لا تجب فيه إلا سنة واحدة فليس قوله بظاهر، بل الظاهر وجوب الزكاة في الحلي في كل سنة.
ومن فوائد الحديث: إثبات يوم القيامة لقوله: "أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة؟ ".
ومنها: أن الجزاء من جنس العمل، كيف ذلك؟ لما كانت المخالفة هنا في الأسورة كان العقاب في الأسورة، فالجزاء من جنس العمل، ويؤيد هذه القاعدة أن الله- سبحانه وتعالى- حكم عدل لا يظلم، وأنه جعل جزاء السيئة بالنسبة للخلق- بعضهم مع بعض- سيئة مثلها فكذلك العقوبة تكون مثل العمل، ويؤيد ذلك أيضًا قوله تعالى:{فكلًا أخذنا بذنبه}[العنكبوت: ٤٠] فعقوبته على حسب ذنبه، ولهذا لو رأيت حتى الحدود الدنيوية تجد أن الحدود مناسبة تماما للجرائم.
ومن فوائد الحديث: إثبات أفعال الله الاختيارية، لقوله:"أن يسورك الله بهما" وقد سبق لنا أن مذهب أهل السنة والجماعة هو إثبات أفعال الله الاختيارية، يعني: المتعلقة بمشيئته، وأن ذلك لا يستلزم نقصا بل هو غاية الكمال؛ لأن الذي يفعل متى شاء خير ممن لا يفعل، وأهل التعطيل يقولون: إن الأفعال الاختيارية منتفية عن الله بحجة أن الفعل الحادث لا يكون إلا بحادث، والله- سبحانه وتعالى- هو الأول الذي ليس قبله شيء، وسبق لنا تفنيد هذا القول، وأن من كمال الله أن يكون فعالًا لما يريد كما قال الله تعالى:{فقال لما يريد}[هود: ١٠٧]. وقال:{إن الله يفعل ما يريد}[الحج: ١٤] وقال: {ويفعل الله ما يشاء}[إبراهيم: ٢٧].
ومن فوائد الحديث: إثبات النار، وأن الله تعالى قد يغلب الأشياء عن معدنها الأصلي إلى أن تكون نارًا، لقوله:"سوارين من نار" هذا إن قلنا: إن السوارين من النار هما السواران الملبوسان، وإن قلنا: إنهما غيرهما فليس فيه دليل، لكن حديث أبي هريرة:"صفحت له صفائح من نار" يدل على أن السوارين من الذهب تكون يوم القيامة سوارين من نار، لكن هل المعنى: أنها تنقلب المادة، أو أنها إذا أحمى عليها حتى احمرت وصارت كالجمرة صارت نار؟ يحتمل، وهذا عندي أقرب؛ لأن الحديدة إذا أحميتها في النار صارت نارًا، أي: قطعة حمراء تلتهب أحيانًا.
وفي هذا الحديث أيضًا من الفوائد ورع الصحابة- رضي الله عنهم- وشدة خوفهم من العقاب لقوله:"فألقتهما"، ولكن في هذا إشكال، وهو أن المعروف أن ولي الصغير يتصرف فيما هو أحظ للصغير، ومعلوم أن الأحظ للصغير هنا أن تخرج الزكاة وتبقي السوارين، فالجواب على ذلك أن يقال: هي ألقتهما، ولكن هل بقيا ملقيين، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرها