على أن عثمان بن عفان هو الثالث في الخلافة، وقال الإمام أحمد:"من طعن في خلافة واحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله"، وقال الحسن فيما أظن:"من زعم أن عليا أولى بالخلافة من عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار"، أي: عابهم وانتقصهم.
عثمان رضي الله عنه "دعا بوضوء" دعا به؛ أي: طلبه، والوضوء بالفتح: الماء الذي يتوضأ به.
"فغسل كفيه ثلاث مرات"، والكف من مفصل الذراع إلى رءوس الأصابع يبتدئ بالكوع والكسوغ والرسغ، ونختبر في هذا ما هو الكوع؟ العظم الذي يلي الإبهام، والكسوع: الذي يلي الخنصر، والرسغ: ما بينهما إلى أطراف الأصابع.
"فغسل كفيه ثلاث مرات": وهذا الغسل تعبد لا شك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تعبد لله به فهو عبادة، لكنه ليس من الأعضاء التي يجب غسلها إلا بعد غسل الوجه، فيكون تقديم غسل الكفين هنا؛ لأنها آلة غرف الماء، فينبغي أن تكون نظيفة قبل أن يشرع في غسل بقية الأعضاء ثلاث مرات.
"ثم تمضمض، واستنشق، واستنثر"، وليس في ذكر التثليث لكنه قد تثبت به السنة، "تمضمض"، المضمضة: تحريك الماء داخل الفم، "واستنشق"، يعني: استنشق الماء في منخريه، "واستنثر"، يعني: نفر الماء الذي استنشقه، أما المضمضة فلتطهير الفم، وأما الاستنشاق فلتطهير الأنف، وليس في الحديث أنه أدخل أصبعه في أنفه وجعل ينظفه.
"ثم غسل وجهه ثلاث مرات" والوجه معروف ما تحصل به المواجهة، وحده العلماء - رحمهم الله- عرضا من الأذن إلى الأذن وطولا من منابت شعر الرأس المعتاد، وبعضهم قال: من منحنى الجبهة، وهذا اضبط؛ لأن منابت الشعر تختلف، بعض الناس ينحسر عند الشعر، أي: عن ناصيته فيكون أنزع، وبعضهم ينزل فيكون أغم، يعني: إذا نزل الشعر، فإذا قلنا: منحنى الجبهة صار هذا منضبطا سواء كان عليه شعر أم لم يكن، إلى أسفل اللحية.
وهل ما استرسل من اللحية يدخل في الوجه؟ في ذلك خلاف بين العلماء فمنهم من قال: إنه لا يدخل، كما لا يدخل المسترسل من شعر الرأس في الرأس، ومنهم من قال: إنه يدخل، لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يخلل لحيته، وإن كان الحديث فيه ما فيه، والوجه ما تحصل به المواجهة وأما الرأس فلأن الرأس من الترأس وما نزل عن منابت شعر الرأس ليس فيه ترأس.