إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة". والشوق إلى الله عز وجل دليل على كمال الإيمان والمحبة، فهذا الرجل كان في قلبه من محبة الله عز وجل ما أوجب له أن يشتاق إلى الله فذكر الله خاليا ففاضت عيناء من البكاء، هذا يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
واعلم أن هذه الأوصاف الحميدة قد يكون في الإنسان صفة واحدة أو صفتان أو أكثر، بل قد تجتمع كل الصفات فيه يكون إمامًا عادلًا، ويكون متصفا بالصفات الأخرى، وفضل الله تعالى يؤتيه من يشاء.
نأخذ الآن من فوائد الحديث: ما أثبته المؤلف وهو قوله: "رجل تصدق بصدقة"، كلمة "رجل" ليس لها مفهوم، لماذا؟ إما لأن التعبير بالذكور أشرف من الإناث، وهذا أمر معروف، وأكثر ما عبر الله في القرآن بصيغة الذكور، لأنه أشرف، أو يقال: إن هذا مفهوم لقب، يعني: ليس أمرًا مشتقًا حتى يؤخذ منه أن ما لم يوجد فيه هذه الصفة فإنه مخالف للحكم، ومفهوم اللقب عند الأصوليين ليس له عبرة، المهم أن الرجل والمرأة في هذا سواء.
وقوله: "تصدق بصدقة" يشمل الواجب والمستحب. وقوله: "أخفاها" أي: كتمها فلم يبينها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ذكرناها.
فيستفاد من هذا الحديث: فضيلة إخفاء الصدقة، وأنه كلما أخفاها الإنسان كان ثوابه أكثر.
فإن قلت: أليس الله- سبحانه وتعالى- يثني على العباد الذين أنفقوا مما رزقهم الله سرًا وعلانية فما هو الجمع بين الحديث وبين الآية، وكذلك ما الجمع بين قوله تعالى:{إن تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}[البقرة: ٢٧١].
قلنا: الأصل في الصدقة من حيث هي أن إخفاءها أفضل؛ لأنه أبعد عن الرياء، وأبعد عن إظهار المنة على من تصدق عليه، وأبعد أيضًا عن كسر خاطره أمام الناس، هذا من حيث هي صدقة، فإن اقترن بها ما يجعل إعلانها خيرًا من إسرارها صار إعلانها خيرا، لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، كيف يكون الإعلان خيرا من الإسرار؟ إذا كان المقصود الاقتداء، يعني: هذا الرجل تصدّق ليراه الناس فيقتدوا به هذا واحد.
ثانيًا: ربما يكون هذا الرجل الذي تصدق عليه محتاجا ولا تكفيه صدقته فيتصل ق إظهارًا لحاجة الرجل لأجل أن يعطيه الناس، فإذن قد يكون في إظهارها خير إما للمتصدقين، أو للمتصدق