أحوالهم، بينما نجد بعض العلماء عندهم علم كثير، ولكن عندما تشاهدهم في عباداتهم ومعاملاتهم تجدهم لا يطبقون ذلك كما ينبغي، لكن الحمد لله الآن الشباب الملتزمون الذين يتقون الله ما استطاعوا نجدهم يطبقون ما تعلموه، وهذه هي ثمرة العلم.
ومن فوائد الحديث: أن الأعمال تتفاضل لقولهم: "أي الصدقة أفضل؟ "، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم والأعمال تتفاضل في جنسها وفي كيفيتها، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال:"الصلاة على وقتها" قيل: ثم أي؟ قال:"بر الوالدين" قيل: ثم أي؟ قال:"الجهاد في سبيل الله".
فالأعمال تتفاضل من حيث الجنس، الواجب أفضل من التطوع، الصلاة على وقتها أفضل من بر الوالدين، بر الوالدين أفضل من الجهاد، هذا اختلاف جنس، أي الصدقات أفضل؟ اختلاف نوع، أو كيفية. إذن نقول: الأعمال تتفاضل، ويلزم من تفاضل الأعمال- ونحن نقول بقول أهل السُّنة والجماعة:"إن الأعمال من الإيمان"- تفاضل الإيمان؛ فيكون في ذلك ردِّ لقول طائفتين مبتدعتين وهما: المرجئة والوعيدية.
ومن فوائد حديث: أن الصدقة من قليل المال أفضل من الصدقة من كثير المال لقوله: "جّهد المقل"، واعلم أن الصدقة تتفاضل في كميتها بالنسبة إلى مال المتصدق، وتتفاضل أيضًا في محلها، أي: في موضعها الذي وضعت فيه، فالصدقة على الفقير ذي العيال الذي لا يسأل أفضل من الصدقة على فقير لا عيال عنده، أو على فقير يسأل الناس؛ لأن الأول أحوج وأورع وأزهد، والثاني الذي ليس عنده عيال يسأل، هذا في الغالب يكون عنده مال حتى إن بعضهم إذا مات وجدوا عنده أموالًا كثيرة؛ لأنه واحد ويسأل فتأتيه الأموال وهو لا ينفق.
وفي الحديث من الفوائد: أن الأولى والأفضل للإنسان أن يبدأ بمن يعول، وأنه لو جاء يسألنا يقول: أنا عندي مال فمن أتصدق عليه؟ قلنا: على من تعول، ومنهم نفسك؛ لقوله:"وابدأ بمن تعول".
ومن فوائد الحديث: أن الإنسان ينبغي له أن يبدأ بالأهم فالأهم؛ لقوله:"ابدأ بمن تعول" فالذي تعولهم نفقتهم واجبة عليك، أمَّا الأجانب فالصدقة عليهم تطوع، يؤخذ هذا من قوله صلى الله عليه وسلم:"فابدأ بمن تعول".