للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوصف، فاستحقوا بمقدار ما يحصل به ذلك الوصف؛ يعني: لهم شيء معين أم لا؟ لا ما يحصل به التأليف، والناس يختلفون فيما يحصل به التأليف منهم من نفسه كبيرة لا يؤلفها إلا مال كثير، ومنهم من دون ذلك يؤلفه المال القليل المهم أن تعطي من الزكاة ما يحصل به التأليف.

ذكرت أن التأليف إنما يكون لمن كان في نفرة عن الإسلام أو عن المسلمين، وعلى هذا فيعطى المؤلف ما يقوى به إيمانه ويحبب الإسلام إليه، ويعطى من ليس في قلبه إيمان، ولكن يخشى من شره، يعطى ما يدفع به شره حتى لو كان كافرًا يخشى من شره على المسلمين، فإننا نعطيه من الزكاة ليس من بيت المال فقط من الزكاة ما تدفع به شره. انتبهوا لأن بعض الناس يعترض يقول: لماذا نعطي الكفار من أموال المسلمين؟ نقول: نعم، إذا كان هؤلاء الكفار يخشى من شرهم، وهم فعلًا لهم شر، وإذا أعطيناهم ألفناهم ودفعنا شرهم، فإننا نعطيهم تأليفًا لقلوبهم لا على الإسلام، لأنهم مستكبرون، ولكن لدفع شرهم عن المسلمين.

ثم قال سبحانه: {وفي الرقاب}، وأنت ترى الآن أن حرف الجر اختلف، وتبيين ذلك "الرقاب" جمع رقبة. وذكر العلماء أنها ثلاثة أنواع:

مسلم أسير عند الكفار يعطى الكفار من الزكاة لفك رقبته، هذا من الرقاب.

الثاني: عبد عند سيده اشتريناه منه لنعتقه هذا أيضًا في الرقاب.

الثالث: مكاتب اشترى نفسه من سيدة فنعطيه ما يسدد به كتابته هذا أيضًا في الرقاب.

وهؤلاء يعطون لحاجتهم، لكن لا يعطون هم؛ ولهذا قال: "في" الدالة على الظرفية؛ لأن هذه جهة وليست تمليك. العبد لا نعطيه هو نعطي سيده الأسير عند الكفار لا نعطيه هو نعطي الكفار الذين أسروه، المكاتب نعطي سيده، وهذه هي النكتة في قوله: {وفي الرقاب والغارمين} {والغارمين} أيضًا تجدونها معطوفة على قوله: {وفي الرقاب}، ولم يقل: للغارمين.

السادس: قال: {وفي الرقاب والغارمين} أي: في الغارمين، فالصرف إليهم صرف إلى جهة، والغارم: هو الذي لحقه الغرم وهو الضمان، وقسمهم أهل العلم إلى قسمين: غارم لنفسه، وغارم لإصلاح ذات البين، فالغارم لنفسه هو الذي لزمه الغرام لمصلحته الخاصمة، مثل رجال تداين ليشتري بيتًا، هذا غارم لكن لنفسه هذا غارم يستحق من الزكاة ما يوفى دينه ولو كثر، هل يلزم أن تعطيه المال ليوفي أو أن توفي نحن عنه؟ الثاني، لأنه قال: "في" جعله معطوفًا على المجرور بـ"في" فهي جهة ولا نحتاج إلى أن نملكه، ولكن إذا كان هذا الرجل إذا ذهبنا نحن نسدد دينه خجل وانكسر قلبه؛ لأنه رجل من قبيلة شريفة، ولا يحب أن يتبين للناس أنه مدين. في هذه الحال هل الأولى أن نذهب نحن لنسدد عنه، أو أن نعطيه ويسدد هو؟ الأفضل: الثاني، ويسدد لئلا يلاحقه الخجل والحياء، كما أنه يتأكد أن نسدد عن المدين إذا كنا نخشى إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>