شيخ الإسلام ابن تيمية، فهو يرى أنهم إذا منعوا الخمس أو لم يكن هناك خمس، بما إذا لم يكن هناك جهاد ولا غنيمة، فإنهم يعطون من الزكاة؛ لأنهم فقراء، ولكن جمهور أهل العلم على أن المنع على الإطلاق، وأنهم لا يأخذون من الزكاة، ولو لم يكن هناك خمس، ولا يمكن أن يكون حرمانهم ما يجب لهم مبيحًا لأخذهم ما ليس لهم أخذه، فإذا حرموا الخمس فهم مظلومون، ولكن لا يقتضي ذلك حل ما منعوا منه وهو الأخذ من الزكاة إذا لم يكن هناك خمس أو منعوا من الخمس وهم فقراء، ماذا نعمل بالنسبة لهم؟ ندفع لهم صدقة تطوع على قول الجمهور، وصدقة التطوع أهون من الصدقة الواجبة.
ومن فوائد الحديث: فضيلة آل النبي صلى الله عليه وسلم لكونهم أرفع شأنًا من أن يأخذوا زكاة الناس.
ومن فوائد الحديث: حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقرن الأحكام بالعلل لقوله: "لا تنبغي، "إنما هي أوساخ الناس"، وقرن الحكم بالعلة له ثلاث فوائد ذكرناها كثيرًا.
الفائدة الأولى: اطمئنان النفس إلى الحكم؛ لأن النفس إذا علمت علة الحكم اطمأنت بلا شك.
والثانية: بيان سمو الشريعة، حيث إنها لا تحكم إلا بما له علة مناسبة للحكم بها يثبت الحكم.
والثالثة: إمكان القياس فيما يمكن فيه القياس عليه؛ لأن الشيئين إذا اتفقا في العلة تساويا في الحكم هنا قال: "إنما هي أوساخ الناس".
وهنا في هذا الحديث: تسلية آل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النفوس مجبولة على الشح، وعلى حب المال، فإذا قيل لهم: إن هذا لا يحل لكم.
يقولون: كيف الناس يتمتعون بها، ونحن نحرم منها. فإذا قيل: "أوساخ الناس" صار بذلك تسلية لهم، وهذا من حسن مداراة النبي صلى الله عليه وسلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما طلب العباس منه من الصدقة لأنه عامل قال له هذا الكلام قال: "إنما هي أوساخ الناس"، ولا شك أن الإنسان إذا علم أنها أوساخ الناس سوف يتقزز منها وبطبيعته يكرهها.
ومن فوائد الحديث: جواز وصف الزكاة بالأوساخ، لكن هذا مشكل كيف نصفها بأنها أوساخ الناس وهي ركن من أركان الإسلام، وهل في الإسلام شيء وسخ مشكل هذا؟ المسألة ثقيلة ليست هينة هي بالنسبة لإخراجها وإيتائها لأصنافها تعد ركنًا من أركان الإسلام، تزكي النفس وتطهرها، وتلحقها بالكرماء والمحسنين، وبالنسبة للمعطي نقول: إنه وسخ؛ لأنه هو الشيء الذي طهر به المال، فهو كالماء الذي طهرت به النجاسة، ولا ينبغي للإنسان أن يأخذها إلا وقت الحاجة، كما لو اضطر الإنسان إلى الماء النجس يشربه!