من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن فذهب الناس يتكلمون في شجر البوادي هي كذا هي كذا ولم يعرفوها، فوقع في نفس ابن عمر أنها النخلة، لكنه لم يتكلم لصغر سنَّه، ثم قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"هي النخلة".
وفية من الفوائد أيضًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أو أن الحاكم هو الذي يوجه الأمر إلى الناس بالصيام؛ لقوله:"صام وأمر الناس بصيامه"، وهو كذلك، فإن هذه الأمور ترجع إلى الحكام وليست راجعة إلى عامة الناس من شاء صام ومن شاء أفطر بشهادة غيره، ولكتها راجعة إلى الحاكم الشرعي.
وفيه أيضًا: أن من كان معلوم العدالة فإنه لا يناقش ولا يحقق معه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره ابن عمر أنه رآه صام وأمر الناس بالصيام بخلاف الحديث الثاني.
ويستفاد منه أيضًا: أنه لا تشترط الشهادة في رؤية الهلال، يعني: لا يشترط أن يقول: أشهد؛ لأنه قال:"فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته"، وقد يقال: بل فيه دليل على أن الخبر شهادة؛ لقوله تعالى:{فمن شهد منكم الشهر فليصمه}، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بإخباره شاهدًا، وقد مر علينا أن الإمام أحمد لما قيل له: أن يحيى بن معين أو علي بن المديني- نسيت أيهما هو- يقول: العشرة في الجنة، ولكن لا أشهد، قال: إذا قال فقد شهد.
أما حديث ابن عباس ففيه: أولًا: قبول شهادة الأعرابي، والأعرابي- كما مر علينا- هو ساكن البادية، وهو كذللك إذا ثبتت عدالته.
وفيه أيضًا: وجوب التحري في مجهول الحال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل هذا الأعرابي:"أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله؟ " قال: نعم، فأما من ظاهره العدالة فلا يبحث عنه، لكن لما كان الأعراب غالبهم لا يعرف الأحكام الشرعية سال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأعرابي: هل هو مسلم أم لا.
وفيه: أن الناس مؤتمنون على ديانتهم؛ لأنه لما قال: أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، لم يقل: من يشهد له، وبناء عليه فإذا قيل للرجل:"صلِّ"، فقال: قد صليت ندعه ودينه، الا أن يقول: صليت في المسجد الفلاني، وشهد أهل المسجد أنه لم يصلِّ فيه، فحينئذ لا نقبل قوله، كذلك إذا قلنا:"زكِّ مالك"، فقال: قد زكيت، فإنه يقبل وهو فيما بينه وبين الله، اللهم إلا إذا كان شاهد الحال يكذبه، كما لو كان غنيًا عنده أموال كثيرة وقال:"إني زكيت" ونحن ما رأينا أحدًا انتفع بزكاته، وزكاته لو أخرجت لكان لها أثر في المجتمع لقلته مثلًا، فهذا قد نقول بعدم قبول قوله، لماذا؟ لأن شاهد الحال يكذبه، وشاهد