للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، وأن محمدًا رسول الله فقط، وهذا لا يحصل به إلا الإسلام فقط، وأما كونه لا يمنع اشتراط العدالة؛ فلأن الصحابة كلهم عدول، فإذا ثبت إسلام الصحابي ثبتت عدالته.

ومن فوائد حديث ابن عمر: أن من السُّنة ترائي الناس الهلال. والدليل: قول ابن عمر "تراءى الناس ... إلخ" ومن أي أنواع السُّنة هذه؟ الإقرارية.

هل من السُّنة أن يؤمر الناس بترائي الهلال ويقال لهم: تراءوا الهلال الليلة الفلانية فمن رآه منكم فليشهد عند القاضي؟

الجواب: أننا نأمرهم لنذكرهم بالسُّنة، ولهذا الأفضل ألا يقال: تراءوا الهلال، وإنما يقال: كان الصحابة يتراءون الهلال فمن أراد منكم أن يتراءه فليتراءه في الليلة الفلانية، هذا أقرب إلى إصابة السُّنة.

ومن فوائد الحديث أيضًا: وجوب العمل برؤية الشاهد الواحد مع الجماعة، يؤخذ من أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالصيام؛ لأنه صام وأمر الناس بالصيام، وهذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم، والمسألة فيها ثلاثة أقوال: هذا القول.

والقول الثاني: أنه لا بد من شاهدين اثنين أو شاهد مبرِّزٌ في العدالة بحيث تقوم شهادته مقام شهادة اثنين عند القاضي.

والقول الثالث: أنه إن كانت السماء غيمًا قبلت شهادة الواحد، وإن كانت صحوًا لم تقبل، هذا مذهب أبى حنيفة، لماذا؟ يقولون: لأنه إذا كانت السماء صحوًا ولم يره الناس دل على كذبه، فتكون شهادة هذا الواحد مخالفة لشهادة الآخرين فلا تقبل، أما إذا كانت السماء غيمًا فيمكن أن يراه بدون الناس لقوة بصره مثلًا أو لكونه دقيق الملاحظة بحيث انفتح الغيم لمدة وجيزة ورآه أو ما أشبه ذلك، فلهذا يفرق هؤلاء بين أن تكون السماء صحوا أو أن تكون غيمًا، ولا شك أن مقتضى العقل أن يكون الأمر بالعكس، فيقال: إذا كانت السماء صحوا فإنه يمكن أن يراه ولا يراه الآخرون، حتى وإن كانت السماء صحًوا فالناس يختلفون في قوة النظر بخلاف ما إذا كانت غيمًا فإنه يبعد أن يراه.

على كل حال: هذا قول ذكرناه لأجل إتمام سياق الأقوال، والصحيح: أنه يعمل بشهادة الواحد ولو كان معه جماعة لهذا الحديث.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يتقدم بالحق ولو كان من أصغر الناس؛ لأن ابن عمر كان صغير السن ومع ذلك تقدم، وقال: "إني رأيت الهلال"، فصام النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، ولهذا لما وقع في قلبه حل اللغز الذي ألغز به النبي صلى الله عليه وسلم هاب أن يتكلم به؛ لأنه كان أصغر القوم، ولكن أباه عمر تمنى أن يكون تكلَّم به، واللغز الذي أورده الرسول صلى الله عليه وسلم على الصحابة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>