للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: "أرينيه"، هنا إشكال من الناحية النحوية "أرينيه"؛ لماذا جاءت الياء وهذا فعل أمر، وفعل الأمر يحذف منه حرف العلة؟ هنا يوجد مفعولان وفاعل، فالياء الأولى فاعل، والياء الثانية مفعول أول، والهاء مفعول ثان، فعندنا "أرينيه"، الياء الأولى تعود إلى المخاطبة فهي فاعل، والنون للوقاية، والهاء الثانية مفعول أول، والهاء مفعول ثانٍ، وهنا الرؤية بصرية وهي تنصب مفعولًا واحدًا، وإذا كانت الرؤية البصرية متعدية بالهمزة فإنها تنصب مفعولين.

"أرينيه" فعل أمر مبني على حذف النون، والياء فاعل والنون للوقاية، والياء مفعول أول والهاء مفعول ثان، نقول: أرينيه يعني: رؤية عين.

"فلقد أصبحت صائمًا" هل المعني: صائمًا لغة أو صائمًا شرعًا؟ شرعا؛ لأنها جاءت في لسان الشارع فوجب أن تحمل على المفهوم الشرعي، "فأكل" أي: من هذا الحيس.

في هذا الحديث تذكر عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أهله وسألهم هل عندهم شيء يريد أن يأكل، فلما لم يجد عندهم شيئًا قال: إذن أصوم حتى يكون صيامي قرية إلى الله صلى الله عليه وسلم، ففعل صلى الله عليه وسلم وأنشأ صيامًا من حيث قالت له: إنه ليس عندهم شيء من ذلك الوقت، أما المرة الثانية فإنه جاء إلى البيت صلى الله عليه وسلم وأخبروه بأنه أهدي إليهم حيس فطلبه النبي صلى الله عليه وسلم واكل منه، مع أنه أخبر بأنه كان صائمًا، هذا معنى الحديث.

فيستفاد من هذا الحديث فوائد عديدة أولًا: بساطة النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة أهله، وأنه ليس ممن يتفقدون البيت، ماذا أخذوا من السكر؟ ماذا أخذوا من الشاهي؟ ماذا أخذوا من الرز؟ وما أشبه ذلك يقول: "هل عندكم من شيء؟ " لا يعرف عن بيته شيئًا؛ لأن البيت لربة البيت.

ومن فوائد الحديث: أنه يجوز أن يخاطب الرجل الشريف الكريم بكلمة "لا" لقولها: "لا"، وهي زوجته وهو زوجها وأشرف الخلق عند الله ومع ذلك تخاطبه بكلمة "لا"، وهذا له أمثال كثيرة ومنها: حديث جابر لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "بعنيه" قال: لا، فلا بأس أن تقول لمن خاطبك وإن كان عظيمًا: "لا"، أما قول بعض الناس: سلامتك وما أشبه ذلك من الكلمات فهذه من باب المجاملة، ولو ان الإنسان عجز عن كلمة "لا" لم يكن في ذلك بأس.

إذن في هذا الحديث الذي معنا دليل على أنه يجوز أن يقول الإنسان: "لا" للرجل العظيم، وأن ذلك ليس من سوء الأدب.

وفيه أيضًا: دليل على جواز إنشاء نية صيام النفل من النهار، يؤخذ من قوله: "فإني إذن"، لولا كلمة "إذن" لاحتمل أن يكون قد صام من قبل لكن لما قال: "إذن" معناه أنه أنشأ الصوم من الآن فيجوز أن ينوي النفل في أثناء النهار، وهذا في النفل المطلق، أما المعين فإنه يصام كما يصام الفرض من أول النهار، ولكن إذا نوى في أثناء النهار فهل يكتب له أجر الصوم يومًا

<<  <  ج: ص:  >  >>