كاملًا أو يكتب له من نيته؟ في هلا قولان لأهل العلم؛ فمنهم من قال: يكتب له أجر كامل؛ لأن الصوم شرعًا من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وإذا صححنا أن ذلك صوم فإن من لازمه أن يثبت له أجره من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه ليس له أجر إلا من نيته، واستدل لذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى"، وهذا أول النهار لم ينو الصوم، فكيف يكتب له أجره مع أنه لم ينوه؟ وهذا أقرب إلى الصواب، لكن يكون الفرق بينه وبين الفرض حينئذٍ: أن الفرض لا يصح صوم بعض يوم، وأما النفل فيصح، هل يشترط ألا يفعل مفطرًا في أول النهار؟ أما على قول من يقول: إنه يكتب له الصوم من طلوع الفجر فاشتراط ألا يفعل مفطرًا قبل النية واضح، لكن على قول من يقول: إن النية في أثناء النهار والأجر يكون من النية، هذا محل إشكال، لكن مع ذلك حسب ما علمت من كلام أهل العلم أنه يشترط ألا يكون فعل مفطر قبل النية، فلو فرضنا أن هذا الرجل، أفطر بعد طلوع الشمس فطورا كاملًا قبل الظهر قال: نويت أن أصوم إلى الليل لا يجزئ؛ لأن هذا ليس بصوم، لكن إن نواه صومًا لغويًا لا بأس به، ولكن إن نوى به التقرب إلى الله فهذا غير مشروع، إذن يشترط ألا يفعل منافيًا للصوم من طلوع الفجر إلى نيته، فإن فعل منافيًا للصوم لم يصح الصوم ولو في أثناء النهار، وكان الشارح رحمه الله يميل إلى أن التطوع لا تصح نيته في أثناء اليوم وتوهم رحمه الله حيث قال: إن في بعض سياق الحديث: "فلقد كنت صائمًا" بدل قوله: "إني إذن صائمٌ"، وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد صام، لكن يسأل وينظر إن كان فيه شيء أكل وأفطر، وإن لم يكن استمر على صيامه، هكذا أول الحديث، لكن هذا وهم: لأن في صحيح مسلم: "فلقد كنت صائمًا" بدل قوله: "فلقد أصبحت صائمًا"، فهي في المسألة الثانية لا في المسألة الأولى، وعلى هذا فيكون تأويل الحديث تأويلًا غير صحيح، فالذي عنده الشرح يخشي عليه هذا.
ويستفاد من هذا الحديث: مشروعية قبول الهدية ولو كانت طعامًا لقولها: "أهدي لنا حيس"، خلافًا لبعض الناس الذين يترفعون عن قبول الهدية إذا كانت طعامًا، ولا سيما في وقتنا الحاضر، لما أنعم الله على الناس صار الإنسان يستنكف إذا أهدي له هدية طعام، ولكن- والله- ليس بيت هذا المستنكف خيرًا من بيوت النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان عليه السلام وأهله يقبلون الهدية حتى ولو كانت طعامًا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لو أهدي إليَّ ذراع أو كراع لقبلته".