لام التعليل فإنها تكسر مطلقًا، ولهذا نقول: إن من قال: {ليكفروا بما ءاتيناهم وليتمتعوا ... }[العنكبوت: ٦٦]. من سكن فهو خاطئ؛ لأن اللام للتعليل، فيجب أن تُكسر، أما في قوله تعالى:{فليمدد بسببٍ إلى السماء}[الحج: ١٥]. صح أن تسكن. وهنا يقول:"فليفطر" لأنها بعد الفاء.
وقوله:"على تمر" التمر الظاهر لي أنه إن فرن مع الرطب صار المراد بالتمر الجاف الذي قد كمل استواؤه وبالرُّطب الرَّطب، أما إذا أطلق فالظاهر أنه يشمل الرطب والتمر الجاف، لكن قد دل فعل الرسول صلى الله عليه وسلم على أن الرطب مقدم على التمر إذا وجد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد حسى حسوات من ماء.
وقوله:"فإن لم يجد" هل التمر أو ثمن التمر؟ قد يجد التمر لكن ليس عنده الثمن، وقد يكون عنده الثمن لكن ليس في السوق شيء.
"فإن لم يجد فليفطر على ماء"، ثم علل قال:"فإنه" أي: الماء "طهور"، وطهور بالفتح مطهر طاهر في ذاته، مطهر لغيرها كيف يصح أن يقال: طهور، فهل الإنسان نجس حتى يحتاج إلى أن يطهر معدته؟ لا، ولكنه طهور مطهر للمعدة والأمعاء مما قد يكون فيها من الأذى؛ لأن الماء-كما نعلم- جوهر سيال نافذ فإذا أتى على المعدة وهي خالية بعد الصيام فإنه بلا شك ينظفها، وهو وإن لم يكن فيه غذاء التمر لكن فيه التطهير للمعدة مما يكون من آثار الصوم، ولهذا المعدة في آخر النهار يفوح منها رائحة كريهة، وهذا الماء يطهرها ويزيل عنها هذه الرائحة وما لا نعلمه مما يكون داخلًا في قوله:"فإنه طهور".
ففي هذا الحديث: الإشارة، بل الأمر بالإفطار على التمر، وهل هو واجب؟ لا، ليس بواجب، ولكن الأكمل والأفضل أن يكون على التمر، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد من فوائد الإفطار على التمر: أنه يقوي البصر وهو كذلك مجرَّب، ولهذا كان كثير من الناس يفطرون قبل كل شيء إذا قاموا من النوم بسبع تمرات، وكان شيخنا رحمه الله يقول: إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من تصبَّح بسبع تمرات من العجوة لم يصبه ذلك اليوم سم ولا سحر". كان يقول شيخنا: الظاهر أن هذا على سبيل التمثيل وأن التمر كله يحصل به الفائدة، وسواء كان هذا القول صوابًا أم غير صواب فإنه يرجى في الإفطار على سبع تمرات أن يكون فيه الخير، ويكون داخلًا في قوله:{فاتقوا الله ما استطعتم}[الأنعام]. فإذا لم تجد العجوة فهذا بدل منها، وعلى كل حال: فإن