- وفي لفظ:"فقيل له: إنَّ النَّاس قد شقَّ عليهم الصِّيام، وإنَّما ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدحٍ من ماءٍ بعد العصر، فشرب". رواه مسلمٌ.
قوله:"عام الفتح" منصوب على الظرفية لأنه مفعول فيه؛ أي: أن الفعل واقع فيه، فكل اسم زمان أو مكان بدل على أن الفعل واقع فيه فإنه يسمَّى مفعولا فيه وينصب على الظرفية.
وقوله:"في رمضان" ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، و"كراع الغميم": واد أمام عسفان، سمِّي بذلك لأنه يشبه الكراع.
وقوله:"قدح" أي: إناء يشرب به، و"أولاء" اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، و"العصاة" خبره، وكرر ذلك تأكيدًا لفظيًا، وقوله:"إنما" هذه أداة حصر، يعني: لا ينظرون إلا في فعلك فيما فعلت، "ما" هذه يجوز أن تكون موصولة وعائدها محذوف تقديره: فيما فعلته، ويجوز أن تكون مصدرية، فيؤول ما بعدها بمصدر، فتكون:"في فعلك".
وقوله:"فدعا بقدح من ماء بعد العصر" أي: في آخر النهار، وقول جابر:"خرج عام الفتح"؛ أي: عام فتح مكة، وذلك في رمضان بعد مضي أيام منه خرج لقتال قريش؛ لأنهم نقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه في صلح الحديبية، حيث أعانوا حلفاءهم على حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن إعانة حلفائهم على حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم نقض للعهد.
يقول:"خرج إلى مكة" ذلك في السَّنة الثامنة من الهجرة، "فصام" أي: في سفره؛ وذلك لأن الأفضل الصوم في السفر إلا أن يشق على الإنسان، فإن الأفضل الفطر، وقوله:"حتى بلغ""حتى": هذه غائبة، أي: إلى أن بلغ هذا المحل، فلما بلغه وكان الناس قد صاموا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل المراد أكثرهم؛ لأنهم كانوا يسافرون مع الرسول صلى الله عليه وسلم منهم المفطر ومنهم الصائم، ولكن شق الصوم على الناس، ولم يفطروا اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، فجيء إليه فقيل: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنهم ينظرون ماذا يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه صلى الله عليه وسلم أسوتهم، يقول:"ثم دعا بقدح من ماء فرفعه"، يعني: طلب ماء فرفعه على بعيره، حتى رآه الناس فشرب والناس ينظرون تحقيقًا لفطره، وليحملهم على التأسي به صلى الله عليه وسلم، من الناس من أفطر كما أفطر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الناس من بقي متعللًا بأن ذلك كان بعد صلاة العصر، والزمن قريب، ولكن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض الناس قد صام، بمعنى: استمر على صيامه، فماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في هؤلاء؟
قال:"أولئك العصاة، أولئك العصاة"، "العصاة" هنا هل جمع مؤنث سالم، أو هي جمع تكسير؟ جمع تكسير، ما الذي يمنع أن تكون جمعًا مؤنثًا سالمًا؛ لأن الألف أصلية، وابن مالك