الصوم يفطر الإنسان في السفر، المسح على الخفين رخصة، فيه إسقاط واجب، وهو غسل الرجل، الأكل- أكل الحرام- للمفطر كالميتة هذا أيضًا رخصة وإن كان بعضهم يسميها عزيمة، وبعضهم يقول: هي رخصة واجبة، والخلف قريب من اللفظي، هذه رخصة لأنها استباحة محظور بسبب، فلو قيل: إن الرخصة في الشريعة هي الرخصة في اللغة فهي كلها تسهيل لكان هذا أولى، أولًا: لأن هذا أقرب من الفهم من التعريف الذي عرفه به الأصوليون، الثاني: أنه أقرب إلى موافقة اللغة، والأصل في لغة الشارع أنها لغة العرب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عربي، فالأصل أن اللغة الشرعية هي اللغة العربية إلا إذا وجد دليل يخص المعنى الشرعي بمعنى لا تقتضيه اللغة، مع أني أقول: إن المعنى الشرعي وإن كان أخص غالبًا من المعنى اللغوي فإنه لا بد أن يكون بينه وبين المعنى اللغوي ارتباط، ونحن نقول: إن المعنى اللغوي قد يكون أخص، وقد يكون أعمُّ. الغالب: أن المعنى اللغوي أعمُّ من المعنى الشرعي، وقد يكون المعنى اللغوي أخصُّ، مثل: الإيمان في اللغة: التصديق، أو التصديق المتضمن للإقرار، لكن في الشرع: الإيمان يشمل الاعتقاد، وهو التصديق والقول والعمل.
المهم: أن الأولى أن تفسر الرخصة بأنها السهولة لغة وشرعًا، وأنها في الشرع: التسهيل لإسقاط واجب أو إباحة محظور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"هي رخصة فمن أخذ بها فحسن أخذه بها" لأن قبول رخصة الله لا شك أنها من الأمور المطلوبة، فإن رخصة الله عز وجل فضل من الله ومنَّة، وينبغي أن نقبل فضل ذي الفضل ومنته.
"ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه" هذا جواب قوله: "فهل عليَّ جناح؟ " أي: فله أن يصوم، وهذا يدل على التخيير، لكن مع ترجيح الأخذ بالرخصة؛ لأنه قال:"فحسن" ولكن يقال: إن الرسول قال: "من أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه" قد يقول قائل: إن هذا نفي لتوهم المنع، كقوله تعالى:{* إنَّ الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوَّف بهما}[البقرة: ١٥٨]، معناه: أن الطواف بهما واجب سواء كان ركنًا أو اصطلاحًا، فقد يقول قائل: إن نفي الجناح هنا لدفع توهم المنع، وعليه فلا يمنع أن يكون مساويًا للصوم، ثم إنه سبق لنا أن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم للصيام في السفر يدل على ترجيحه، لكن لو كان على الإنسان مشقة ولو بعض المشقة فالأفضل الفطر.
يستفاد من هذا الحديث فوائد: منها: حرص الصحابة- رضي الله عنهم- على التفقة في الدين، وذلك لسؤال حمزة بن عمرو للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها أن بعض الناس يظن أن الترخيص من أجل المشقة، وأنه إذا وجدت القوة فلا رخصة، لقول حمزة:"إني أجد قوة على الصيام فهل عليَّ من جناح؟ " وهذا على احتمال أن