للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استطعتم} [التغابن: ١٦]. وهذا ملتزم بتقوى الله وأن يصوم شهرين متتابعين لكن حصل له مانع، ماذا تقولون لو سافر ليفطر هل ينقطع التتابع؟ نعم؛ لأن هذا حيلة على إسقاط ما أوجب الله عليه.

ومن فوائد الحديث: أن المعتبر الشهور لا الأيام؛ لقوله: "شهرين"، والشهر- كما قال النبي صلى الله عليه وسلم-: يكون هكذا وهكذا، وهكذا وهكذا، وقبض الإبهام يعني: يكون تسعة وعشرين، وعلى هذا فإذا ابتدأ الصوم في اليوم السابع عشر من شهر ربيع الأول ينتهي في اليوم السادس عشر من شهر جمادي الأولى حتى وإن كان شهر ربيع الأول ناقصًا وشهر ربيع الثاني أيضًا ناقصًا، فإذا كانا ناقصين سيصوم ثمانية وخمسين يومًا.

ومن فوائد الحديث: أنه لا بد من إطعام ستين مسكينًا، لا إطعام طعام ستين مسكينًا وبينهما فرق، إذا قلنا: إطعام طعام ستين مسكينًا صار معناه: أن يجمع ما يكفي ستين مسكينًا ويعطيه ولو مسكينًا واحًدا وهذا لا يجوز، بل لا بد من إطعام ستين مسكينًا؛ لقوله: "فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا".

ومنها: أننا إذا رجعنا إلى البدل أخذنا بكمال المبدل منه من قوله: "ستين مسكينًا"، ولم يقل: إطعام ما يقابل صيام شهرين متتابعين؛ لأنا نقول الصيام: أن تواصل وما يكون شهران، لكن في الإطعام تطعم ستين مسكينًا عن ستين يومًا؛ لأن الله جعل على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين.

ومن فوائد الحديث: عظم الجماع في نهار رمضان؛ لقوله: "هلكت"، ولإيجاب الكفارة المغلظة؛ لأن أغلظ الكفارات هذه، وكفارة الظهار، وكفارة القتل، فهذا يدل على أن الجماع في نهار رمضان من أعظم الذنوب.

فإن قلت: هل تجب الكفارة بغير الجماع، كما لو أكل أو شرب أو أنزل بتقبيل أو ما أشبه ذلك؟

فالجواب: لا؛ لأن الإنسان لا ينال من الشهوة بهذه الأمور كما ينال بشهوة الجماع، ولأن شهوة الجماع شهوة تمتع وتلذذ، وشهوة الأكل في الغالب شهوة حاجة، فلهذا خففت، يعني: لو أن الإنسان أكل أو شرب عامدًا فلا كفارة عليه بخلاف الجماع.

ومن فوائد الحديث: أن الإنسان قد يرزق من حيث لا يحتسب؛ لأن الله ساق صاحب هذا التمر إلى أن جاء به إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان فيه الفقير لقوله: "ثم جلس فأتي النبي .. " الخ.

ومن فوائد الحديث: سقوط كفارة الوطء في نهار رمضان عند العجز عنها؛ لأنه كما قال: لا أستطيع إطعام ستين مسكينًا، لم يقل: تبقى في ذمتك، لكن يعكر على هذه الفائدة أنه لما

<<  <  ج: ص:  >  >>