جيء بالتمر قال:"خذ هذا وتصدَّق به" فإن هذا يدل على أنها لم تسقط، وسيأتي- إن شاء الله- البحث فيه قريبًا.
ومن فوائد الحديث: أ، الإنسان ينبغي له إذا استفتي مفتيًا في حلقة علم أن يجلس لينال فضل العلم؛ لقوله:"ثم جلس".
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز دفع الصدقات للإمام ليقوم بدفعها لأهلها لقوله: "فأتي النبي .. " إلخ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الإمام والناس يأتون إليه أحيانًا بمثل هذا ليصرفه في أهله.
ومن فوائد لحديث: أن الإمام مخيَّر في صرف ما يأتيه من الأموال، بمعنى: أن له أن يخص به من شاء، فلا يقال: يجب أن يوزعه على الناس بالسوية.
يؤخذ ذلك: من إعطائه للرجل وقال: "تصدق به" مع أن الرجل في الواقع لم يأخذه إلا لدفعه الكفارة وليس لحاجته الخاصة، إذن لو أن أحدًا من الناس أرسل إليك دراهم من الزكاة لتنفقها ورأيت رجلًا طال علة صاحب دين محتاجًا للزواج يحتاج إلى عشرين ألفًا للزواج والدراهم التي أتتك عشرون ألفًا هل يجوز أن تعطيها لهذا الرجل وحده؟ نعم؛ لأنه من أهل الزكاة.
ومن فوائد الحديث: جواز مساعدة الإنسان في الكفارة لقوله: "خذ هذا فتصدَّق به".
ومن فوائده: أن الكفارة تسمَّى صدقة لقوله: "تصدَّق به"، والجامع بينهما: أن الصدقة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار"، والكفارة أيضًا تذهب خطيئة هذه المعصية التي كفر عنها.
ومن فوائده: جواز ذكر الإنسان حاله من غنى أو فقر أو مرض أو حاجة لا على وجه الشَّكاية إلى الخلق لقول الرجل: "أعلى أفقر منَّا؟ "، وهل يجوز على سبيل السؤال أن تطلب من شخص أمين لعله يعطيك؟ نعم؛ لأنه حين قال:"أعلى أفقر منَّا" فإن لسان الحال يقول: أعطني إيَّاه، وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يذكر حاله للشخص تعريضًا لإعطائه، وإن كان هذا الرجل جاء يستفتي، لكن نقول: إذا جاز لهذا- وهو إنما جاء ليستفتي- فالذي جاء للغرض نفسه من باب أولى ما دام الشرع أباح له وإلا لكنا نقول: أنت ما جئت لهذا، أنت جئت لتنقد نفسك مما وقعت فيه، ولا ينبغي لك إذا جئت لهذا الغرض أن تدخل أمور الدنيا في هذا.
ومن فوائد الحديث: جواز إخبار الإنسان عما لا يحيط به علما بحسب ظنه؛ لقوله:"فما بين لابتيها ... " إلخ؛ لأن هذا لو أردنا أن نصل إلى العلم اليقين فيه لكان لا بد أن نبحث كل بيت وحده، وهذا الرجل ما بحث إلا بيته وحده قطعًا. إذن يجوز أن تخبر عما يغلب على ظنك ولا يعد هذا رجمًا بالغيب، ولهذا قال الله تعالى:{إن بعض الظن إثمٌ}[الحجرات: ١٢]. ولم يقل: إن الظن