للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إثم؛ لأن الظن المبني على القرائن ليس بإثم، كذلك الظن الذي لا يحقق بمعنى: أن الإنسان اتهم أحدًا بشخص ثم ذهب يبحث ويتجسس هذا لا يجوز.

ومن فوائد الحديث: جواز ضحك الإمام بحضور رعيته، والنبي صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة وهو أشد الناس حياء، لو كان هذا مما يستحيا منه ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه تدل على طيب النفس وسعة الخلق. بعض الناس إذا كان له منزلة أو جاه يأنف أن يضحك حتى لو ضحك الناس فنقول: ضحك من هو خير منك الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفيه أيضًا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كما أنه يتبسم كثيرًا فإنه يضحك أحيانًا.

هل يستفاد منه أيضًا: جواز الضحك على ما يتعجب منه؟ نعم، مطلقًا حتى غير الإمام لأنه إذا جاز للإمام الذي هو محل الوقار فجوازه لغيره من باب أولى لكن لا بد أن يكون لها سبب، ولكن من غير سبب من قلة الأدب، لكن بسبب فهذا يعتبر أن الإنسان على فطرته وليس عنده تزمت ولا انزواء ولا كبرياء؛ لأن ما تدعو الفطرة إلى الضحك فيه هذا لا بأس به.

ومن فوائد الحديث: أن الأمر قد يراد به الإباحة، الشاهد: "أطعمه أهلك"، هذا أمر لكنه يراد به الإباحة، وهكذا نأخذ قاعدة أن الأمر بعد الاستئذان للإباحة؛ لأن الاستئذان يفيد المنع، فإذا جاء الأمر بعد المنع فهو للإباحة كما قال العلماء- رحمهم الله-: إن الأمر بعد النهي للإباحة، واستدلوا بقوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} [المائدة: ٣].

وهل من فوائد الحديث: جواز كون الإنسان مصرفًا لكفارته؟ قال: "أطعمه أهلك" هل هو على سبيل الكفارة أو على سبيل أنك في حاجة والكفارة ما تجب إلا لغني قادر عليها، أيهما؟ ستقولون: يحتمل الرجل الآن هو غني حين أعطى لكن بيته في حاجة، الآن هو يقول: نحن محتاجون كل من في المدينة أغنى منا، الذي ليس في البلد أحوج منه، معناه: أنه هو المسكين وحينئذٍ لا تجب عليه الكفارة، بعض العلماء استنبط هذه الفائدة: أنه يجوز أن يكون الإنسان مصرفًا لكفارته بشرط أن يقوم بها غيره، أما أن يقوم بها هو فغير صحيح، واحد عليه إطعام ستين ويذهب يشتري ما يكفي طعام مسكين ويعطيه عياله ليأكلوها، هذا لا يصلح، لكن إذا أعطاها إياه غيره فهذا يدل على جواز ذلك، لكن علماء آخرين قالوا: هذا ليس بصحيح، ولا يستفاد هذا من الحديث لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أعطه أهلك" إنما أعطاه إياه لا على أنه كفارة ولكن على أنه لدفع حاجته، بدليل أنه لا بد من إطعام كم؟ ستون مسكينًا، ومن يقل: إن هؤلاء- أهل الرجل- ستون نفرًا، فإن قلت: يمكن ذلك، لكن نقول: حتى وإن كان ممكنًا كان على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول: هل أهلك يبلغون ستين مسكينًا؟ حتى يتبين أن ذلك من أجل الكفارة، ولهذا الصواب في هذه المسألة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أطعمه أهلك" من باب دفع الحاجة لا من

<<  <  ج: ص:  >  >>