زوجاته لأنهن أعلم، وهذا من فوائد تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحفظن من أعماله في السر ما لا يحفظه غيرهن.
تقول:"كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر" يعني: يصوم ويسرد الصوم، ويكثر الصوم، وعلى العكس من ذلك:"ويفطر حتى نقول: لا يصوم"، وهذا غير الصيام المعتاد الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتاده كالإثنين والخميس مثلًا، أو صيام ثلاثة أيام من كل شهر هو أحيانًا يصوم ويسرد الصوم، وأحيانًا يفطر حتى يقال: لا يصوم، وأقول: إن هذا في غير الصيام الذي كان يعتاده، لماذا ينوِّع؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يتعلق به مصالح كثرة؛ لأنه إمام الأمة وقائدها وتعتريه أشغال وأحوال يكون فيها بعض العبادات أفضل من بعض، فيراعي النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل، ولهذا نحن نجزم أنه ما خرج مع كل جنازة، ولا صام كل يوم، ولا يومًا وأفطر يومًا، بل لما عرض على عبد الله بن عمرو أن يصوم يومين ويفطر يومًا قال:"نود لو أن قدرنا على ذلك"، فالرسول صلى الله عليه وسلم له أحوال وأعمال تقتضي أن يفطر، وله أحوال وأعمال تقتضي له أن يصوم، وهكذا ينبغي للإنسان أن يكون سائسًا لنفسه إذا رأى فيها إقبالًا على عمل ما -وهو عمل صالح-يفعل ما لم يشغلها عن فريضة، إذا رأى منها فتورًا على هذا العمل وإقبالًا على آخر فعل، حتى يكون دائمًا مع نفسه في عبادةٍ بدون أن يلحقها الملل والتعب.
قاعدة مهمَّةٌ:
ومن هنا أخذ العلماء تلك القاعدة المشهورة وهي:"قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل"، كل ذلك باعتبار المصالح، ويجب أن نستثنى الفرائض فهي ليس عنها بديل، لكن التفاضل إنما هو في أعمال التطوع، قد يكون هذا الشخص يصوم ونقول: الصوم لك أفضل، وهذا الشخص يفطر ونقول: الفطر لك أفضل، وقد يكون نفس الواحد منا نقول في هذه الأيام: الصوم لك أفضل، وفي هذه الأيام الفطر لك أفضل حسب الحال، حتى قال العلماء: لو أن طالب العلم إذا صام حصل له الكسل والتعب ولم يجد نشاطه في طلب العلم، قالوا: فالأفضل له أن يفطر؛ لأن العلم أفضل من الصوم، وكذلك أيضًا لو أن الإنسان رأى أنه تعب أو ملَّ من الصلاة ويجب أن ينام؛ فنقول له: نم فالنوم أفضل، كذلك رجل تعب من الصلاة وأحبَّ أن يقرأ نقول: القراءة أفضل لك، رجل تعب من القراءة وأحب أن يصلي نقول: الصلاة أفضل لك، ولهذا لو سألنا سائل ينتظر صلاة الجمعة وقد أتى مبكرًا، ما تقولون؟ هل