للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان، والحجر الذي يستجمر به الإنسان يأخذه باليسار فيتسوك باليسار وهو المذهب عند الحنابلة أنه يستاك بيده اليسرى.

وقال بعض العلماء: بل باليمين؛ لأن السواك عبادة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "السواك مطهرة للفم مرضاة للرب"، فهو عبادة ولا ينبغي للإنسان أن يفعل العبادة إلا باليمين، لا يفعلها بآلة القذر.

وفضل آخرون فقالوا: إن كان السواك لتطهير الفم فيأخذ باليسار، كما لو كان بعد الأكل بعد النوم بعد تغير الفم فيكون باليسار، وإذا كان لمجرد التطوع فهو باليمين كما لو توضأ الإنسان واستاك، ثم جاء إلى الصلاة فورا فهنا الفم لا يحتاج إلى تطهير لكنه يستاك عند الصلاة تسننا وتعبدا لله عز وجل فيأخذه باليمين، ولو قيل: إن الأمر في هذا واسع، وأن ألإنسان إن شاء باليمين وإن شاء باليسار لم يكن بعيدا؛ لأن هذه علل قد لا يستطيع الإنسان أن يجزم ببناء الحكم عليها، فنقول: الأمر واسع، وأما بداءة الفم فيبدأ باليمين الجانب الأيمن.

ومن فوائد هذا الحديث: جواز الترجل لكن هل هو سنة عبادة أو سنة عادة؟ قال الإمام أحمد رحمه الله هو سنة لو نقوى عليه اتخذناه لكن له كلفة ومئونة، كلفة بالعمل ومئونة بثمن الدهن ونحوه، فالإمام أحمد رحمه الله ترك اتخاذ الشعر لهذا وإلا فهو سنة عنده وقيل: إنه سنة عادة، وأن الناس إذا اتخذوه عادة فلا ينبغي للإنسان أن يخرج عن عادتهم، وإن لم يتخذوه فلا ينبغي أن يخالف عادتهم، وهذا عندي أقرب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به، بل قال في الغلام الذي خلق بعض رأسه: "احلقوه كله أو اتركوه كله".

ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يعتني بنفسه في النظافة، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرجل شعره، وهذا لا شك أنه تنظيف له، فالذي ينبغي للإنسان ألا يكون أشعث أغبر، بل يصلح من شعره ما يستطيع إصلاحه؛ لما في ذلك من النظافة والتجمل، والله - سبحانه وتعالى- جميل يحب الجمال، وأما أن يبقي نفسه رثا كريه المنظر فهذا ليس من الأدب الإسلامي، الأدب الإسلامي أن يكون الإنسان متجملا كما قال الصحابة - رضي الله عنهم-: يا

<<  <  ج: ص:  >  >>