كونك العفو الذي تحب العفو أسألك العفو.
فما هو العفو؟ قال العلماء: العفو هو المتجاوز عن سيئات عباده سواء كان ذلك بالعفو عن ترك واجب أو العفو عن فعل محرم؛ لأن استحقاق الذنوب يكون بأمرين: إما بترك الواجب، وإما بفعل المحرم، فإذا عفا الله عن إنسان عن ترك الواجب أو فعل المحرم، فمعناه: أنه تجاوز عنه ولم يعاقبه عن ترك الواجب ولا على فعل المحرم، وقوله: "فاعف عني"، أي: تجاوز عني ما اكتسبته بترك الواجب أو فعل المحرم، والأمر هنا للدعاء.
في هذا الحديث أولًا: أن ليلة القدر يمكن العلم بها لقولها: "إن علمت ليلة القدر"، وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك ولم يقل: إنها لا تعلم.
ومن فوائده: حرص عائشة رضي الله عنها على اغتنام هذه الليلة المباركة حيث قالت: "أرأيت ... " إلخ لتغتنم هذه الفرصة التي قد لا تعود على الإنسان بعد عامه.
ومن فوائد ألحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يسأل العالم عما يخفى عليه؛ لأن عائشة سألت النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائده: أن الدعاء يطلق عليه اسم القول، لكنه قول مع الله وخطاب مع الله، ولهذا إذا دعا الإنسان في صلاته ربه لم تبطل صلاته؛ لأنه يناجي ربه بخلاف سؤال غير الله فإن الصلاة تبطل به، فمثلًا لو قال الإنسان في صلاته: أعطني كذا بطلت صلاته.
ومن فوائل الحديث: إثبات اسم العفو لله عز وجل.
ومن فوائده: إثبات المحبة لله لقوله: "تحب العفو".
ومن فوائده: بيان كرم الله عز وجل، وأن العفو أحبُّ إليه من الانتقام؛ لأن رحمته سبقت غضبه، فهو - جلَّ وعلا - يحب العفو ولا يحب الانتقام، ولذلك كان يعرض التوبة على عباده: "إن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، يقول: هل من تائب؟ هل من مستغفر؟ " ().
ومن فوائد ألحديث: الردُّ على أهل التعطيل الذين يمنعون قيام الأفعال الاختيارية بالله عز وجل لقوله: "تحب"، و"فاعف عني".
ومن فوائده: جواز التوسل بأسماء الله وصفاته؛ لقوله: "اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني"، وهذا أحد أنواع التوسل، وقد مرَّ علينا أنه ستَّة أنواع.
ومن فوائده: الرد على المتصوفة الذين يقولون: لا حاجة إلى الدعاء، ويقولون إما بلسان