المقال أو بلسان الحال: علمه بحالي يكفي عن سؤالي، وهذا إبطال صريح لقوله تعالى:{وقال ربُّكم ادعوني أستجب لكم}[غافر: ٦٠]. إذا كان علمه بحالك يكفي عن سؤالك فهو عالم بحالك، إذن يكون معنى قوله:{ادعوني أستجب لكم} لغوًا لا فائدة منه.
ومن فوائد الحديث: احتقار الإنسان نفسه؛ لأنه في هذه الليلة، يعني: الذي كان من المتوقع أن يسأل الإنسان خيرًا وفضلًا ذهب يسأل العفو سؤال المسرف الجاني على نفسه، يقول:"اللهم إنك عفو ... " إلخ، ليحتقر الإنسان ما عمله في جانب حق الله عز وجل حتى لا تمنَّ على ربك أو تدلَّ عليه بالعمل وتقول: أنا عملت، من أنت حتى تقول ذلك، والرب عز وجل هو الذي منَّ عليك بالعمل، لو شاء لأضلك كما أضل غيرك، فإذا منّ عليك بالهداية فلا تمنَّ عليه أنت بالعمل، فأحمده على هذه النعمة واشكره، وقل: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
لو قال قائل: إلا يمكن أن يكون هذا خاصًّا بعائشة؟
نقول: أن الخطاب الموجه لواحد من الأمة هو لجميع الأمة؛ لأنه ليس هناك حكم يخصّص لشخص بعينه أبدًا على القول الراجح.
ولو قال قائل: ينتقض عليك هذا بخصائص النبي؟
نقول: اختص بها صلى الله عليه وسلم؛ لأنه نبي ورسول.
ولو قال قائل: ينتقض عليك هذا بحديث أبي بردة بن نيار حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم في عناق استأذنه أن يذبحها بعد صلاة العيد قال: "لن تجزئ عن أحد بعدك؟ ".
نقول:"لن تجزئ عن أحد بعد حالك"()، وليس المعنى: بعدك شخصيًّا، ويرى شيخ الإسلام أنه لو أن أحدًا جرى له مثل ما جرى لأبي بردة فإنها تجزئ عنه.
ولو قال قائل: ينتقض عليك هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي زوَّجه المرأة بما معه من القرآن قال: "إنها لن تجزئ عن أحد بعدك مهرًا؟ "
قلنا: الحديث ضعيف لا يصح.
ولو قال قائل: ينتقض عليك هذا بقصة سالم مولى أبي حليفة، فإن سالمًا مولى أبي حذيفة قال النبي صلى الله عليه وسلم لزوج حذيفة:"أرضعيه تحرمي عليه"، وأنت لا تقول بأن رضاع الكبير مؤثر، هذا فيه أجوبة منهم من قال: إنه ليس بخاص، وإنه يجوز للمرأة أن ترضع الكبير وتصير أمه من الرضاع، قالوا: كيف ترضعه وهي ليست محرمًا له؟ قالوا: تحلب بكأس وترضعه، وهذا قول