ومنها: أن لله تعالى على خلقه واجبا لقوله: "اقضوا الله"، ولا شك أن لله على خلقه واجبًا، حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا تزاحم حق الله وحق الآدمي قدم حق الله لقوله: "فالله أحق بالوفاء"، و"أحق" اسم تفضيل، ولكن قد ينازع في هذا الحكم والاستدلال له، أما في الحكم فينازع بأن يقال: كيف نقدم حق الله على حق الآدمي، والمعروف أن حق الآدمي مبني على المشاحة () وعدم السماح والعفو، وحق الله - سبحانه وتعالى - مبني على العفو والمسامحة، فكيف نقول: أن حق الله أولى أن يقضى، وأما المنازعة في الاستدلال فنقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذلك من باب قياس الأولى؛ بمعنى: أنه إذا جاز هذا فهذا أولى، يعنى: إذا جاز وفاء ذين المخلوق فوفاء دين الله من باب أولى، وهذا لا يقتضي أنهما إذا اجتمعا قدم حق الله، فإن قلت: كيف يمكن اجتماعهما؟ فالجواب: يمكن، هذا رجل توفي وخلف ألف درهم وكان عليه لزيد ألف دينًا وعليه لله ألفٌ زكاة فكم عليه؟ ألفان والرجل خلف ألفًا، إن قضينا دين الآدمي أهملنا الزكاة، وإن قضينا الزكاة أهملنا دين الآدمي، فماذا نصنع؟ نقول: يتحاصان بالسوية، وكيفية المحاصة أن نقول: انسب الموجود إلى المطلوب، كم الموجود؟ ألف، والمطلوب ألفان، نسبة الألف للألفين النصف، فنعطي الزكاة خمسمائة، ودين الآدمي خمسمائة، فإن أسقط الآدمي حقه. يكون للزكاة، أما إذا أخذه ثم أعطاه الورثة فهو للورثة، أو إذا قال: تنازلت عنه للورثة فإنه يكون للورثة، أما إذا قال: تنازلت عنه، فمعناه: أنه أبرأ الميت منه ويكون للزكاة هذا هو الظاهر؛ لأن الاشتراك هنا اشتراك تزاحم، يعني: اشتراك الزكاة وصاحب الحق في الألف اشتراك تزاحم؛ فإذا زال الزحام بقي الثاني منفردًا، وإلا قد يقول قائل: أن المال إذا انتقل للورثة صار لهم الألف ثم توفَّى الزكاة خمسمائة؛ لأنه نصيبها، وإذا أسقط الطالب حقه رجع للورثة، لكن نقول: ليس هذا من باب اشتراك التزاحم فإذا زال الزحام ثبت للواحد
٦٨٣ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما صبي حج، ثمَّ بلغ الحنث، فعليه أن يحجُّ حجَّةً أخرى، وأيُّما عبدٍ حجَّ ثمَّ أعتق، فعليه أن يحجَّ حجَّةً أخرى"().
هذا الحديث إن جعل مرفوعًا صار حجة؛ لأنه منسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن جعل موقوفًا