ومن فوائد الحديث: أن الإنسان إذا نذر الحج لزمه، وجه الدلالة: تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له بالذين والذين يجب على المرء قضاؤه.
ومن فوائد الحديث - وهو محل تأمل بيننا -: أن من نذر الحج ومات قبل زمنه لزم قضاؤه عنه، فهل نقول: أن الإنسان إذا نذر الحج ومات قبل إدراك زمنه يسقط عنه لأنه ما فرط، أو نقول: لما ألزم نفسه بذلك لزمه؟ الحديث في الواقع يحتمل هذا وهذا، ولكن الذي تقتضيه الأدلة الأخرى أنه إذا نذر ومات قبل إدراك زمنه فلا شيء عليه؛ وذلك لأنه وإن لم يشترطه بلفظه فقد اشترطه بحاله، فإن الرجل مثلًا إذا قال في رجب: لله على نذر أن أحج، معلوم أنه يكون هذا الحج في ذي الحجة، ولا يمكن أن يكون المراد: أنه يحج في رجب، وكأنه قال: إذا جاء شهر ذي الحجة فلله عليَّ نذر أن أحج، فيكون هذا المعلوم كالمشروع.
وعليه فنقول: أن الإنسان إذا نذر زمنًا معينًا ومات قبل إدراكه فإنه لا شيء عليه سواء كان معينًا بالزمن مثل أن يقول: "لله على نذر أن أصوم الشهر الفلاني" فيموت قبل إدراكه، أو يقول:"أن أحج" فيموت قبل زمن الحج، فهلا لا يجب عليه.
ومن فوائد الحديث: أنه لا يجب قضاء النذر على الفور؛ لأن هذا السؤال "نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت" فيه احتمال أنه قد مر عليها زمن الحج فلم تحج، وفيه احتمال أنه لم يمر، فعلى الاحتمال الأول قد يكون فيه دليل على أن النذر لا يجب على الفور، وعلى الاحتمال الثاني فليس فيه دليل، ولكن تقول: أن حكم هذه المسألة أن النذر يجب قضاؤه على الفور لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه"()، الفاء رابطة للجواب، والجواب مرتبط بالشرط، والأصل في الواجبات كلها أن تفعل على الفور، فالصحيح: أن النذر يجب قضاؤه على الفور ما لم يقيد، فإن قيد فعلى ما قيد به.
ومن فوائد الحديث: حرص الصحابة على السؤال؛ لأن هذه المرأة جاءت تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنه يجوز أن يعاد السؤال مع الحرف المفيد للجواب؛ لقوله:"نعم حجي عنها". ومن فوائد الحديث: إثبات القياس؛ حيث قاس النبي صلى الله عليه وسلم نذرها على الدَّين الذي يقصي. ومنها: حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لضرب المثل بحيث يبين المعقول بالمحسوس.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يسلك هذا المسلك في تعليم الناس؛ لأن من الناس من لا يستطيع أن يفهم المعنى إلا بضرب المثل.