الفائدة الثانية: تحريم خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم، لقوله:"لا يخلون ... " إلخ، والأصل في النهي التحريم، لاسيما أنه أكد بالنون:"لا يخلونَّ".
ثالثًا: عموم هذا النهي لكل رجل ولكل امرأة؛ لأنه نكرة في سياق النهي فيعم.
ومن فوائده: جواز خلوة الصغير بالمرأة لقوله: "لا يخلون رجل"، فالصغير الذي لا شهوة له لا تضر خلوته، لو خلت امرأة بامرأة يفهم من الحديث جواز خلوة المرأة بالمرأة لقوله:"لا يخلونَّ رجل"، لكن هنا لو خيفت الفتنة وجب منعها من طريق آخر؛ لأن بعض النساء - نسأل الله الحماية - يبتلى بمساحقة النساء، كما يبتلى بعض الرجال بالتعلق بالمرد، أيضًا هذه بعض النساء تتعلق بالنساء الجميلات وتفتتن أشد من افتتانها بالرجل.
ويؤخذ من الحديث: جواز خلوة القرد بالمرأة لقوله: "لا يخلون رجل"، لكن يقول شيخ الإسلام: إذا خيفت الفتنة - يعني: إذا كانت هذه المرأة تستعمل القرد كما يستعملها الرجل - فإنها تمنع؛ لأن بعض القرود يتعلق بالنساء، أنا حدثت أن النساء إذا ذهبن يتفرجن على القرود وصارت إحداهن جميلة صار القرد لا ينظر إلا إليها ولا يتبع إلا إياها، إذن إذا خيفت الفتنة تمنع.
ومن فوائد الحديث: جواز خلوة الرجلين بالمرأة وذلك لقوله: "لا يخلون رجل"، وإذا كان معه آخر فلا خلوة، ولكن كما قلنا إنه إذا خيفت الفتنة وجب المنع من باب ثانٍ.
من فوائد الحديث: عناية الشرع بالمرأة حيث حرص على حمايتها وحفظها باصطحاب المحرم، فيحفظها كالحارس كالجندي مع الأمير يحرسه ضامن له، إذن محرم المرأة لا شك أن اصطحابها إياه من مكرمتها وحمايتها وعناية الشرع بها.
ومن فوائد الحديث: أنه لابد أن يكون المحرم ممن يمكنه صيانتها بكونه بالغًا عاقلًا بصيرًا أن احتجنا إلى ذلك، فإن كان صغيرًا فليس بمحرم هو محرم، لكنه ليس كافيًا، العلة من ذلك: حماية المرأة وصيانتها وكرامتها، وعند العامة يقولون: أن العلة من أجل إذا ماتت يفك حزائم كفنها إذا نزلت في القبر، انظر العوام أولًا يقول: ماتت وهذا تشاؤم، وثانيًا: يفك الحزائم وهذا ليس بشرط؛ لأنه يمكن أن يفك الحزائم أي إنسان، ولعله مر عليكم حديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم دفنت إحدى بناته وفيهم زوجها عثمان والنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"أيكم لم يقارف الليلة؟ " فقال أبو طلحة: أنا. فقال:"انزل"، فنزل في قبرها ()، أبو طلحة ليس من محارمها، والنبي صلى الله عليه وسلم من محارمها وزوجها أيضًا من محارمها.