وشاهدنا نحن لما كنا نسافر بالسيارات المسافات التي ليست في الطرق المزفلتة نجد بعض الناس إذا نزل من السيارة ذهب يحتطب ويسخن الماء في أيام الشتاء ويقرب الماء ويروى، وبعضهم إذا نزل أنزل الفراش ونام، أيهما الشهم؟ الأول، فإياكم أن تكونوا من القسم الثاني الذي إذا نزل ينزل بفراشه واصطحبه، فكل واحد منكم يخدم الثاني، وأيضًا لخدموا الناس بالتوجيه والإرشاد وحسن المعاملة والأخلاق؛ لأن الناس سيذكرونكم بالخير إذا أحسنتم، ويذكرونكم بعكسه إذا أسأتم، مع أن هذه الأماكن مقدسة، يعني: أماكن آمنة لا يوجد بقعة. على الأرض آمن من المسجد الحرام؛ لكن ليست أمنًا على النفوس فقط، بل "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام"، على كل شيء على الأموال والنفوس والأعراض، فإياكم أن - تؤذوا الناس في أموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم، بل كونوا خير الناس للناس.
يقول:"لا تسافر المرأة"، إذن لا تفارق محل إقامتها بما يسمى سفرًا إلا مع ذي محرم، وهذا هو الموضع الذي قال فيه الفقهاء: إنه يشمل السفر الطويل والقصير، بينما الرخص الأخرى كالقصر والفطر والمسح ثلاثًا تكون خاصة بالسفر الطويل، أما هذا فهو عام للسفر الطويل والقصير، المهم أن يسمى سفرًا، "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، وسبق معنى المحرم.
"فقام رجل"، هل يلزمنا أن نعرف اسمه؟ لا، المهم: القصة: "فقال: يا رسول الله، أن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال: انطلق فحج مع امرأتك"، الرجل لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، وقد علم أن زوجته ليس معها ذو محرم سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه اكتتب في غزوة كذا، يعني: كتب مع الغزاة وأن أمرأته خرجت حاجة فماذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قال عليه السلام:"انطلق فحجَّ مع امرأتك". "وانطلق"، هذه فعل أمر، و"حج" فعل أمر، وقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يدع أمرًا مرغوبًا فيه هو ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد ليحج مع أمرأته، وهذا يدل على وجوب اصطحاب المحرم، هل سأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل امرأتك كبيرة أو صغيرة؟ لا، اجعل هذا عمومًا أنه يشمل المرأة الكبيرة والصغيرة، هل سأله أهي آمنة أم غير آمنة؟ لا، خذ هذا عمومًا آخر، هل سأله هل هي حسناء أو قبيحة؟ لا، خذ هذا أيضًا عمومًا ثالثًا، فإذن نهي المرأة عن السفر بلا محرم شامل للمرأة، سواء كانت صغيرة أو بيرة، وسواء آمنة أو غير آمنة، وسواء كانت قبيحة أو لا، وهناك عموم: رابع سواء معها نساء، أو ليس معها نساء وهذا عام ولذلك كان هذا النص القولي واضحًا في أنه شامل لكل امرأة، وعلى كل حال يقول:"انطلق فحج مع امرأتك"، ففعل الرجل.
* يستفاد من هذا الحديث عدة فوائد:
الأولى: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إبلاغ الشريعة، وأنه صلى الله عليه وسلم يستعمل كل أسلوب يمكن أن يبلغ به الخلق لقوله:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ... " إلخ.